منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
عاجل فنون وثقافة المشاهير واحة الإبداع

فيروز.. الأسطورة الحية!

18/ مارس /2023
avatar admin
79
0

الحسن ولد المختار

ما الذي يمكن قوله بعدُ عن فيروز، جارة القمر، أيقونة الطرب والسماع.. الأسطورة المستمرة منذ أكثر من ستين عاماً، حضوراً وغياباً، نصباً تذكارياً حياً لكل فن رفيع بديع، وكل غناء عربي أصيل وصوت رقيق جميل؟! فيروز.. أرزة لبنان الشامخة.. السامقة نصباً تذكارياً حاضراً في زحمة الغياب.. صدى صادحاً.. وفجراً فنياً صادقاً.. بصوتها الشجيِّ، وفنها الملتزم، وعطائها الثرِّ، وصفاء فضاءات عوالمها الفنية الشعرية، الحانِية القريبة، المؤتلقة الشفافة، كثريّات الكريستال! ما الذي يمكن قوله، بعد كل ما صدر عنها من مؤلفات أدبية ونقدية، وسيَر فنية ووطنية، ومدوَّنات إطراء واحتفاء غزيرة.. كثيرة؟! فيروز نجمة الكوكب الرحباني، فيروز ملحمة الإبداع والغناء.. نغمُ الفصول الأربعة.. تقويمٌ فني قائم بذاته! فيروز سفيرة المحبة، سيدة الوقت، شِعرية الصوت والصمت.. فيروز الحداثة والثقافة والهوية.. عصفورة الشرق.. سفيرتنا إلى النجوم.. نجوى الغروب.. وتر الإفاقة.. عزف الإشراقة.. الاسم الفني لأحلام البسطاء.. ملحمةُ الشعرِيةِ ومُلهِمة الشعراء.
ما الذي يمكن قوله بعد عن فيروز، وهل غادر الشعراء عنها أي مجالٍ لمقال؟! لقد قالوا عنها كل شيء.. ولم يقولوا عنها أي شيء.. فيروز مدونة شعرية مسطّرة في البياض.. نص مفتوح.. ملحمة برسْمِ الكتابة.. لحن شجي خالد لا ينقطع! معزوفة عصيّة أبيّة على الاكتمال.. أسطورة من هذا الزمان.. ترنيمة مندلقة متدفقة في منامات البسطاء وإلهامات الشعراء.. قال الشاعر أنسي الحاج: «ليتني ألمس صوتها»! وحين لمسه.. قال لسان الحال.. على لسانه: «بعض الأصوات سفينة وبعضها شاطئ وبعضها منارة، وصوت فيروز هو السفينة والشاطئ والمنارة. هو الشعر والموسيقى والصوت، والأكثر من الشعر والموسيقى والصوت، حتى الموسيقى تغار منه».. وقال نزار قباني: «غنت فيروز مُغرّدة.. وجميع الناس لها تسمع». وزاد: «قصيدتي، بصوتها اكتستْ حلة أخرى من الشعر»! وقال محمود درويش: «فيروز هي الأغنية التي تنسى دائماً أن تكبر، هي التي تجعل الصحراء أصغر، وتجعل القمر أكبر». وقال محمد الماغوط: «حين يأتيني صوتها أغدو ذلك الآخر الذي يراقِص برَدَى بدلاً من هوايتي القاتلة في مراقصة العدم»!
ومثل الشعراء احتفى بإبداعها كذلك الفنانون ورفعوا في وجهها القناديل عالية، فقال موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب: «فيروز معجزة لبنانية، لم يعرف الغناء صوتاً أرقّ من صوت فيروز ولا أجمل. إنها خيوط الحرير، إنها أشعة الفضة»! نعم.. فيروز الصوت الذي ظل ينضح شعراً حتى باتت سيدته «شاعرة الصوت».. وهذا الصوت في عصرنا عنوان آخر للوطن.

وطن اسمه فيروز
واحتفاءً بفيروز، اللحن والفن والفكرة والوطن، يأتي هذا الكتاب الذي أصدرته «مؤسسة الفكر العربي»، في طبعة فخمة أنيقة، تحت عنوان شعري كاشِف: «وطن اسمه فيروز»، تكريماً لفنانة لبنان وشجرة أرزه الباسقة في عيد ميلادها الثامن والثمانين. وقد جمع الإصدار بين دفتيه مجموعة مقالات متميزة، لكوكبة من الكتاب والشعراء والفنانين العرب واللبنانيين، نظر كل منهم من زاوية خاصة لظاهرة فيروز الفنية، ومدرسة الفن الرحباني، التي رفدتها ورافقتها طيلة مسيرتها الفنية. كما نظروا للفن، بصفة عامة، بوصفه أداة مُثلى للتعبير عما يختزنه الإنسان من طاقات الإبداع الخلاق التي تتجسد في روائع تقاوم عاديات الزمان وتعصى وتتأبَّى على النسيان.
ولعل مما يميز هذا الإصدار الخاص عن فيروز والرحابنة، ويزينه ويزيده عن كل ما كُتب عنها من مؤلفات ومدوّنات وأشعار واحتفاءات، أنه يتحدث بضمير الجمع، و«لا ينسب إلى مؤلف واحد، ولا ينحصر في بلد عربي بعينه، ولا في نوع كتابي معين. فهو عمل جماعي، ينتمي المشاركون فيه إلى مختلف الدول العربية، ويضم بين دفتيه، في سياقات مؤتلفة ومتكاملة، دراسات ومقالات تتسم بطابعها البحثيّ ومنحاها الأكاديمي ومضامينها الفكرية، وشهاداتٍ يغلب عليها الطابعُ الذاتيُّ والخواطر التأملية، وتتجاور على امتداد صفحاته مناهجُ التوثيق والتحليل والتقييم».

عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11187

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.