بقلم :بهجت العبيدى
أخطر ما يمكن أن يواجه العلم هو أن يكون هناك رقيب يفرض عليه شروطا من خارجه، فالعلم هو ما يضع الشروط وهو ما يعمل على الوصول إلى النتائج التي يشتغل عليها في حقل من حقوله،
ومن الحكمة العميقة ألا يتدخل من ليس من أهل العلم في شأن من شؤونه أو في غرض من أغراضه، هذا لا يعني بالضرورة ألا يبدي أصحاب الرؤى والفكر رأيهم، ليس في العلم ذاته،
بل في القيم التي يجب أن يلتزم بها العالم، تلك القيم التي هي مطلقة، وليست مُفصّلة على فئة بعينها، ولا جماعة بذاتها، ولا شعب من الشعوب أو أمة من الأمم.
وأصحاب الرؤى والفكر هؤلاء لا يجب بحال من الأحوال أن يتخطوا حدودهم التي هي في حدود النصيحة، التي يمكن أن ترتقي لتُضَمّن في مسودة تشمل منظومة أخلاقية يُطالَب العلماء بالعمل على الالتزام بها.
أما أن يزعم زاعم، مهما كان موضعه، ومهما توهم من مكانة، أن يبدي رأيا علميا فيما ليس له به علما، ولا يندرج في مجال تخصصه، متذرعا بأية ذريعة، فهذا، فضلا عن أن هذا الرأي لا قيمة له، وفضلا على أن العلماء لن يلتفتوا له، فإنه يضر بالعلم ضررا بالغا،
وهذا الضرر الذي نعنيه، ليس في جوهر العلم، وليس في مسيرته التي انطلقت ولن يوقفها لا شخص ولا جماعة ولا مؤسسة، مهما توهم هذا الشخص، وزعمت هذه الجماعة، وظنت هذه المؤسسة،
ولكن في صورة العلم عند العامة، إن قطار العلم قد انطلق، وكل يوم إن لم يكن كل ساعة أو كل دقيقة أو كل ثانية، يأخذ قوى دفع متلاحقة تجعل من وقف مسيرته نوعا من خيال مريض لن يتحقق في يوم من الأيام. خرج علينا في الآونة الأخيرة الشيخ عبدالله رشدي متحدثا في نظرية التطور رافضا لها كل الرفض، زاعما قراءة ما كتب فيها.