منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
مقالات وآراء

عبدالله رشدي ونظرية التطور

22/ يناير /2021
avatar admin
112
0

بقلم :بهجت العبيدى

أخطر ما يمكن أن يواجه العلم هو أن يكون هناك رقيب يفرض عليه شروطا من خارجه، فالعلم هو ما يضع الشروط وهو ما يعمل على الوصول إلى النتائج التي يشتغل عليها في حقل من حقوله،

 

ومن الحكمة العميقة ألا يتدخل من ليس من أهل العلم في شأن من شؤونه أو في غرض من أغراضه، هذا لا يعني بالضرورة ألا يبدي أصحاب الرؤى والفكر رأيهم، ليس في العلم ذاته،

 

بل في القيم التي يجب أن يلتزم بها العالم، تلك القيم التي هي مطلقة، وليست مُفصّلة على فئة بعينها، ولا جماعة بذاتها، ولا شعب من الشعوب أو أمة من الأمم.

 

وأصحاب الرؤى والفكر هؤلاء لا يجب بحال من الأحوال أن يتخطوا حدودهم التي هي في حدود النصيحة، التي يمكن أن ترتقي لتُضَمّن في مسودة تشمل منظومة أخلاقية يُطالَب العلماء بالعمل على الالتزام بها.

 

أما أن يزعم زاعم، مهما كان موضعه، ومهما توهم من مكانة، أن يبدي رأيا علميا فيما ليس له به علما، ولا يندرج في مجال تخصصه، متذرعا بأية ذريعة، فهذا، فضلا عن أن هذا الرأي لا قيمة له، وفضلا على أن العلماء لن يلتفتوا له، فإنه يضر بالعلم ضررا بالغا،

 

وهذا الضرر الذي نعنيه، ليس في جوهر العلم، وليس في مسيرته التي انطلقت ولن يوقفها لا شخص ولا جماعة ولا مؤسسة، مهما توهم هذا الشخص، وزعمت هذه الجماعة، وظنت هذه المؤسسة،

 

ولكن في صورة العلم عند العامة، إن قطار العلم قد انطلق، وكل يوم إن لم يكن كل ساعة أو كل دقيقة أو كل ثانية، يأخذ قوى دفع متلاحقة تجعل من وقف مسيرته نوعا من خيال مريض لن يتحقق في يوم من الأيام. خرج علينا في الآونة الأخيرة الشيخ عبدالله رشدي متحدثا في نظرية التطور رافضا لها كل الرفض، زاعما قراءة ما كتب فيها.

 

مؤكدا أنها ليست علمية مستشهدا بهؤلاء الذين يرون أنه مازال هناك ثغرات في هذه النظرية العلمية، وهؤلاء فئة نادرة ندرة هائلة لا قيمة لها في مقابل هؤلاء العلماء الكبار وتلك المعاهد البحثية الكبيرة والجامعات والكليات العلمية المعتبرة التي تدعم النظرية دعما مطلقا، وإقحام عبدالله رشدي وأمثاله الدين في النظريات العلمية لهو مضر للدين، قبل أن يكون مضرا للعلم، ضرر بالغ،

ومن الأجدى ألا يقحم أمثال عبدالله رشدي أنفسهم، كمتحدثين باسم الدين، في مثل هذه القضايا العلمية، وعليهم أن يتركوا مثل هذه الأمور للعلماء المعتبرين من أصحاب التخصصات الدقيقة. وهنا ربما يقول قائل، إذا كنتَ تدعو عبدالله رشدي بعدم التعرض لمثل هذه الأمور العلمية،

فما بالك، وأنت لست من أصحاب التخصص تقحم نفسك في مثل هذه النظريات العلمية؟ وإجابتنا على ذلك بسيطة يسيرة، فنحن لم نقدم رأيا علميا موافقا للنظرية، ولم نزعم عدم صحتها، ولكننا نتحدث عن قضية تناول مثل هذه النظرية العلمية،

ذلك الذي هو العكس تماما مما زعمه عبدالله رشدي، حيث سمح لنفسه، دون علم ولا دراية، برفض نظرية علمية معتمدة من المجتمع العلمي، وهو لا يستطيع لا إثبات صحتها ولا نفي ما قدمه العلماء في هذه النظرية.

وإن أراد أن يتعرض لمثل هذه النظريات فعليه أن يعرضها عرضا شاملا فعلى سبيل المثال، كان عليه هنا عليه أن يذكر نسبة العلماء الحقيقيين المؤيدين للنظرية ونسبة هؤلاء الذين لا يدعمونها والتي هي وفقًا لإحصاء تم عام 1995، إنًّ 99.85% من علماء الأرض والأحياء في الولايات المتحدة يدعمون النظرية، أي أن ١٥ من مئة في المائة فقط هم من لا يدعمون النظرية.

سنظل ننبه كل التنبيه، ونحذر كل التحذير، من فرض رقابة دينية على شؤون العلم، وسنظل نؤكد على الخطورة الهائلة على كل من الدين والعلم حال حاول أحدهما أن يصبح وصيا على الآخر أو أن يجير أحدهما على مساحة الآخر.

عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11242

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.