منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
واحة الإبداع

“أشجار قاتلة”ج 2

10/ يناير /2021
avatar admin
213
0

قصة  للروائى أشرف جاويش  الجزء الثاني..

مارتن العجوز! يا له من ماكر! هل ينتقم من خصومه بهذا الشكل البشع؟! ماذا يفعل بالأطفال؟! إن ثبت عليه الأمر سيعاقب عقابا عسيرا، ذهبت إلى الشجرة في الصباح الباكر أتحقق من خبر مارتن، تسلقت الشجرة، إنه أمر حقيقي ، لابد من الإمساك به في مسرح الجريمة حتى لا يفلت من العقاب، كانت الشكوك تساورني تجاه هانسن والسيدة جانت أكثر منها تجاه مارتن العجوز، أيام قلائل ويتم الإمساك به وينتهى هذا اللغز القاتل.
صوت يهمس، “استيقظ، استيقظ” أفتح عيني، الطفلة تخترق باب غرفتي خارجة إلى الصالة، أنهض فزعا، أتبعها، تقف، تنظر إلى، تهمس بصوت يملأ المكان “هانسن يعلم الحقيقة، اتبع الفراشات، اتبع الفراشات” تختفى، أبحث عنها في كل مكان، ليست هناك، في حيرة متعجبا، ماذا يعرف هانسن؟! وما دخل الفراشات بأمر كهذا؟! التفت للخلف، أقفز فزعا، “باميلا! كيف لم أشعر بوجودك؟! وماذا تفعلين هنا الأن؟!” تقترب منى، تنظر في عيني، لا تجيبني، تقبلني بحرارة، نتهاوى.
على الفراش أدخن، عارية بجواري “ما دخل هانسن بهذا الأمر؟! هناك دليل واضح على تورط مارتن، ما الذى جعلك تشك في دليلك؟!” رأيت ألا أخبرها بأكثر من ذلك “لا شيء، لا شيء، يومان فقط ويتضح كل شيء” أخبرتها أن تذهب الأن فأنا أريد أن أكون بمفردي هذا اليوم، ارتدت ملابسها وخرجت “الفراشات، الفراشات، ما دخل الفراشات بهذا الأمر؟!” ارتديت ملابسي وخرجت قاصدا هانسن.
“لم أقتل زوجتي وأولادي، كنت ومازلت أحبهم كثيرا” سألته مندهشا “من قتلهم إذا؟! ساعدني يا هانسن”، “قتلهم من قتل باتريك، ارحل الأن أيها المحقق، اهرب إن استطعت وإلا ستلقى نفس مصيره، ليس لدى المزيد لأخبرك به”. هانسن في حالة نفسية سيئة يبدو عليه القلق والتوتر. خرجت وأنا أخبر نفسى أننى يجب أن أكون أكثر حرصا في قولي وفعلي. مارتن يتبعني أينما ذهبت، أتجاهله، لا أريده أن يشعر أنه داخل دائرة الشك، ذهبت إلى محل السيدة جانت أراقبها من بعيد، ليس هناك شيء غريب بشأنها، الشكوك كلها تلاحق مارتن، والفراشات، أو ربما الشجرة نفسها، من يدرى”.
ليلة الكريسماس، الكل يحتفل، الألعاب النارية في كل مكان، مارتن يذهب باتجاه الحديقة في ترقب وحذر، يقترب من الشجرة، يختفى وراءها، أتابعه من بعيد، يتسلقها، يرمى بالمصيدة، يهبط، يخفى حبلها بين الحشائش، ها قد نصب فخه، أيها الثعلب الماكر، أخبرتني باميلا أنه على خلاف مع السيد “ماك” الذى لديه طفلة صغيرة تدعى “سوزان”. هل تكون سوزان ضحية الغد؟! وما السر وراء عدم اكتراث الأهالي بصبيحة ليلة الكريسماس طالما أنهم يفقدون أطفالهم؟! كيف يكون الآباء في غفلة لهذه الدرجة؟! لن أنام الليلة حتى أقف على حقيقة الأمر.
الثالثة صباحا، هناك وقع أقدام خارج غرفتي، ألقيت بنفسي على الفراش متظاهرا بالنوم، يفتح باب الغرفة بهدوء، تقترب منى، تنظر إلى عن قرب، أشعر بأنفاسها، تذهب، تخرج بهدوء، كيف دخلت إلى هنا؟!
أخبرتني أنها نسيت مفاتيح المنزل بغرفة مكتبي فكيف دخلت؟! مرت عشر دقائق، قمت من الفراش أتسلل حتى لا تشعر بي إن كانت ماتزال بالمنزل، فتشت المنزل، ليست هناك، خرجت إلى الشارع في خفاء قاصدا منزل السيد ماك، الطرقات خاوية، أمر بالحديقة ناظرا إلى شجرة السيكويا القاتلة، ترى ما سرها؟! أمضيت وقتا أتأملها، الشجرة تخرج دخانا أحمر اللون، بل إنه بخار مثل الذى رأيته من قبل، يزداد، يتطاير في كل أنحاء البلدة، أخرج منديلا وأضعه على أنفى، أسرع باتجاه منزلي، أدخل مسرعا، أضع الكثير من الكمامات على أنفى ووجهي، أغلق النوافذ بإحكام، كل ثقوب المنزل، الأن فهمت جزءا من لغز الشجرة، يبدو أن هذا البخار يجعل من يشتنشقه يفقد الذاكرة لفترة من الوقت، لهذا السبب يخرج السكان إلى الحديقة وعندما يعودون لوعيهم يكون قد حدث ما حدث، هذا بعيد جدا عن قدرة مارتن، ترى ما هو السر وراء هذه الشجرة؟!
أشرقت الشمس، سوزان في غرفتها بجوار النافذة تداعب فراشة جميلة، تطير وتعود إليها وكأنها تلعب معها، يخرج الجميع إلى الطرقات، الأطفال يتسابقون في الذهاب إلى الحديقة، ريتشارد يراقب الشجرة من بعيد، لم تظهر باميلا حتى الأن، ولا مارتن كذلك، بل هانسن، يبدو عليه الارتباك، كأنه يبحث بين الأطفال عن شخص بعينه، تقع عيناه على سوزان تجرى خلف فراشتها تحاول الامساك بها، هانسن يبدو عليه الفزع عندما راها تقترب من الشجرة، يجرى باتجاهها، ينقلب رأسا على عقب فجأة وقد سحبته الشجرة للأعلى حيث الأغصان الكثيفة، الدماء تتساقط على الأرض، الأطفال ينظرون إلى الأعلى ثم يصرخون ويهربون بعيدا، أذهب مسرعا، أفتش بين الأطفال عن سوزان، ليست هناك، رأس هانسن يتدلى إلى الأرض وقد شق صدره غصن مدبب وكأنه قد صنع لهذا الغرض، حاولت إنزاله حيث قطعت الحبل فسقط على الأرض، مازالت به قطعة من حياة، ينظر إلى منزل باميلا قائلا: “السر يكمن هنا أيها المحقق” يموت شاخص العينين.
عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11242

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.