أرواح عارية

قصص قصيرة جدا لعبد الصبور السايح 

( أرواح عارية)

هنا فى البلاد البعيدة يستهلكنا الغياب، أسباب عديدة ألقت بنا فى أخاديده المظلمة ثم بأوجاعها ألفت بيننا ، كنا على اتفاق تام أن إحتياجنا للمال قاسم مشترك بيننا، وأنه هو من سرق معظمنا من أحبابنا وبلادنا البعيدة تلك التى لم نحس فى ربوعها سابقا بالأمان ، لهذا توزعنا هنا فى أعمال كثيرة لاتليق بنا ، ولأسباب تخصنا قبلناها مجبرين كآلات لاتعرف غيرأداء البرامج المكلفة بها . حين تجمعنا لقاءات نهاية الأسبوع نحاول جاهدين أن نستعيد أرواحنا المرهقة بالبرد والشجون، كنا نستمد الدفء من أطعمة اعتدنا علبها فى بلادنا ومن ثرثرات لها نشوة غريبة عن الوطن ، حالمين كالطيور المهاجرة بعودة سعيدة.

( صوت )

بانفعال شديد طلبت منه أن يبحث لها عن عمل، بصعوبة بالغة ابتلع أوجاعه ولم يرد. صرخت فيه بعينين مرعبتين: -لماذا لا ترد ؟ لاذ بصمته كماء على نار فواصلت قذف ما فى جوفها من حمم : -لم أعد أحتمل بؤس حياتك ، أريد عملا أصحابه على ما أريد. بأقصى ما لديه من قوة حاول ضبط أعصابه للحفاظ على أطفال لا ذنب لهم وبيت لم تهزمه الريح لربع قرن. لكنها ضغطت على جرحه بعناد غريب ، حاول أن يقنعها أن فرص العمل قد أصبحت لمن يدفع؛فلم تقتنع. ،همس فى سمعها بأن اللصوص يحيطون بكل أمل يداعب الفقراء فى

حياة كريمة فلم تفهم ، أقسم لها أن راتبه أصبح هدفا ثابتا لستر كل كارثة ا فلم تصدق. حاول أن يقنعها بتوفير عمل لها في مشروع يفكر في إقامته؛ فضحكت ساخرة. لحظتها تمنى لو يمتلك قوة خارقة يلقي بها كل المفسدين إلى عالم آخر.