قصة قصيرة للكاتب مصطفى مجدى فى حلقات
أول عينهم ماجت عليا بقوا فى ذهول تام ، علا فضلت واقفة مكانها وباصة عليا ومامتها يادوب بدأت تجمع الكلام وقالتلى:
أبوك حكالى كتير عنك قبل كده ، مكنتش أتوقع أبدًا إن هيجي اليوم ونتقابل ، أهلا وسهلا بيك ونورت بيت أوك ، إتفضل
دخلت وقعدت مكسوف مش قادر أبص فى عين علا ولا عندى الجرأة حتى إنى أسلم عليها واتكلم معاها ، نظراتها ليا كانت غريبة جدًا ،
محاولتش إنها تتكلم معايا ودخلت قعدت فى الأوضة بتاعتها وقفلت الباب ، بدأت مامتها تبررلى التصرف بتاعها وقالتلى:
معلش ياعزيز ، البنت لسة صغيرة وهي اليومين دول مش متظبطة ومش عارفة مالها ، لما تاخد عليك الموضوع هيبقى طبيعى ان
شاءالله ، بس انت كنت فين كل ده ، أنا قلبت الدنيا عليك ومعرفتش إنت روحت فين
.. ملجأ ، روحت ملجأ
خبطت على صدرها من الخضة وقالتلى:
يانهار أبيض ، يعنى مفيش أى حد من خالاتك خدك تعيش معاه؟!
.
. أول مافوقت من الحادثة كنت صغير ومش فاهم اى حاجة ، كنت عامل زى الغريق اللى بيتعلق بقشاية ، القشاية بالنسبالى كانت
الملجأ ، أهو فى كل الأحوال أحسن من الشارع ، صحيح شوفت فيه ذل ومهانة كتير ومعاملة أثرت على نفسيتى وسلوكى بشكل كبير
، لكن أنا متأكد إن اللى كنت هشوفه فى الشارع كان هيبقى أسوأ بكتير
قدر الله وماشاء فعل ، كويس إنك بخير الحمد لله
.. الحمد لله على كل حال
وأنا قاعد لمحت بطرف عيني علا وهي بتفتح باب الأوضة بالراحة وبتبص عليا من وراه وعمالة تعيط ، وبدون أى مقدمات خرجت من
الأوضة بتاعتها وقعدت قصادى على الكرسى وقالتلى:
أنا حصل معايا موقف صعب أوى ومكنتش عارفة أتصرف إزاى ، علشان مكنش عندى رجالة يجيبولى حقى ، لكن بما إنك ظهرت فى
حياتنا وبقيت الراجل اللى فى وسطينا أكيد هتقدر تتصرف وتجبلي حقى
مامتها بصتلها ومش فاهمة أى حاجة ومقدرتش حتى تمنعها من اللى هي هتقوله ، لأن من العلامات اللى واضحة على وشها مبينة
إنها عايزة تعرف إيه اللى فى بنتها أصلا ومسببلها الحالة السيئة اللى هي فيها دى
طبعًا كان لازم أسأل باستغراب وأقولها:
.. إيه اللى حصلك ياعلا؟
ومين اللى هجبلك حقك منه؟
من يومين كنت مروحة البيت وفى طريق الزراعات قطع عليا الطريق واحد واغتصبنى وسرق بطاقتى
مامتها جالها ذهول وبصتلها باهتمام وقالتلها بغضب:
…. إنتى بتقولى إيه ياعلا ؟!
إنتى بتقولى إيه وحصل إمتى ومقولتليش ليه؟!
علا تجاهلت كلام مامتها وقربت مني وقالتلى:
عارف إللى اغتصبنى عمل إيه بعد ماعمل عملته الوسخة ؟
، تف على وشى وداس عليا بالجزمة وبالعافية لما سابنى أنفد بحياتى ، عايزاك تجبلى حقى منه
إتلجلجت فى الكلام ومكنتش عارف أقولها إيه ، من طريقتها باين أوى إنها عارفة إن أنا اللى عملت كده ، هزيت راسى وقومت بسرعة
وخرجت من باب الشقة من غير حتى ما أقولهم أى حاجة ، وأول ماقفلت الباب ورايا سمعت أمها بتزعق معاها وعمالة تقولها مين اللى
عمل فيكي كده وعلا مردتش عليها .
نزلت من على السلم زى المجنون ومش عارف اتصرف ازاى ، ويشاء القدر انى اخبط فى واحدة من غير قصد ، رفعت عيني علشان
أعتذرلها لقيتها كريمة!!
الغريبة إنها معرفتنيش ، شكلى أتغير عن زمان لكن الوجع اللى سببتهولى زى ماهو ، وهي السبب فى كل اللى بيحصل ده ، واضح
من طريقة طلوعها على السلم و الحاجات اللى شايلاها فى إيدها إنها ساكنة فى العمارة دى ، نزلت وسألت الراجل اللى واقف بعربية
خضار تحت البيت ، هي الست كريمة ساكنة فى الدور الكام ، وعرفت إنها ساكنة فى الدور الأخير ، واخدة الشقة اللى موجودة على
سطح البيت وعايشة هي وابنها.
منسيتش موضوع علا واللى عملته فيها ولأول مرة أحس جوايا بألم شديد ، إزاى أنا عملت كده وإزاى أول مرة أفكر أأذى واحدة جسديًا
تكون أختى ! ، أنا حاسس إنى عايش جوه كابوس وبتمنى الوقت يرجع بيا ومعملش اللى عملته مع علا .
فضلت مراقب البيت طول الليل علشان أستغل اللحظة اللى إبنها مش موجود فيها وأقدر أستفرد بيها واخد حقى منها واسببلها الأذى
اللى يرضينى واللى هي تستحقه ، لازم ادفعها ثمن القسوة اللى عيشتها طول حياتى .
من سوء حظ كريمة إن فيه شوية شباب جم وقفوا تحت البيت الساعة واحدة بليل وقعدوا يندهوا على إبنها ، واللى إستشفيتوا من
كلامهم إنهم رايحين يخرجوا ، بعد دقايق نزل ابن كريمة ومشى مع أصحابه والدنيا بقت مهيئة تمامًا إنها تستقبل انتقامى ، حطيت
الماسك على وشي وطلعت جرى على الدور الأخير ، خبطت على باب شقة كريمة ، طبعًا فتحتلى على طول من غير حتى ماتقول
مين، لأنها إفتكرتنى ابنها ونسيت حاجة ، حطيت إيدى على بقها وكتفتها وربطها من إيديها ورجليها ورمتها تحت رجلى على الأرض ،
رفعت الماسك من على وشى وقولتلها :
عايزك تدققى فى وشى كويس أوى وتفتكرى مين أكتر طفل أذيتيه فى حياتك وانتى فى الدار يمكن تقدرى تتعرفى عليا
من نظرات عينيها عرفت إنها إفتكرتنى وبدأت تدمع وتزحف عند رجلى وبتترجانى إنى أسيبها ، مسكت سيجارة فى إيدى ولعتها ، خدت
منها نفسين ، عريت بطنها وطفيت السيجارة فى جسمها ، بقت بتصرخ من كتر الألم ، قرصتها فى نفس الأماكن اللى كانت بتقرصنى
منها ، ضربتها فى نفس الأماكن اللى ضربتنى فيها بدون وجه حق ، اغتصبتها وهينتها وصورتها ونزلت الفيديو على النت لايف ، وقولت
للناس :
الست اللى قدامكم دى تستحق كل اللى هعمله فيها ، وأنا صغير سببتلى أذى نفسي عشت عمرى كله بدفع تمنه ، أذتنى وأنا
طفل صغير ومفيش بإيدى أى حيلة غير إنه يسكت علشان يقدر يعيش ، طلعت كل همومها وسواد قلبها عليا وبدون وجه حق ، بسبب
الأذى اللى سببتهولى خلتنى اغتصبت أختى اللى مكنتش أعرف أساسا إنها أختى ، كنت بحاول أطلع العُقد اللى جوايا على كل بنت
تعدى من قدامى ، كنت بحس بالانتصار وأنا بوجع أى واحدة وبسببلها الأذى ، عشت طول عمرى مستنى اللحظة اللى تجمعنى
بكريمة تانى ، حلفت إنى هأذيها وهاخد حقى منها ودلوقتى جه ميعاد رد الدين
بعد ماصورتها وضربتها ، سمعت صوت الحكومة فى المنطقة وبقوا بينادوا فى المايك إنى انزل واسلم نفسي، سمعتهم وهما بيطلعوا
على السلم وبيحاولوا ينقذوا كريمة ، شديت كريمة على الأرض لحد ماوصلت بيها على حافة السطح ، الحكومة بقت واقفة قصادى
متسمرة فى مكانها ، خايفين ياخدوا أى خطوة علشان مرميهاش وأرمى نفسي من السطح ، واحد فيهم ضرب رصاصة من سلاحه
جت فى كتفي ، ابتسمت وبصيت لكريمة أوى وقولتلها ، أنا عملت حاجات كتير غلط بس ربنا عالم إن انتى بذرة الشر اللى جوايا ، رغم
كل اللى عملته فيكي دلوقتى لكن برضو مش حاسس إنى خدت حقى منك وأعتقد إن ربنا بس هو اللى يقدر يجبلي حقى كامل وأكيد
برضو هياخد منى حق الناس اللى أنا أذيتها بسببك
شديت كريمة ووقعت أنا وهي من على السطح ، مكنتش أتمنى أبدًا إن آخر حاجة تشوفها عيني تكون أكتر إنسانة أذتنى .
تمت
