شعر فئة نثر للدكتور أمجد ريان
كان باعة العرقسوس قديماً يحدثون ضجة هائلة بشخاليلهم
..
البيت شقة
البيت رحم
البيت قوقعة ،
الرجال من حولي يسرعون في مشيتهم
لكل الاتجاهات
وأنا أريد أن أعود لبيتي ، لمستقري
أريد دائماً أن أعود لإلهاماتي وحنيني .
.
أنا الآن ليس الذي كنته منذ دقيقة مرت
وليس الذي سأكونه بعد دقيقة ستمر
أنا الآن أمعن في تتبع كشكشات الفساتين الشعبية
وأفعل كل ما يساعدني على معرفة نفسي :
ذكرني “مختار السيد” بالسوق الفوقاني وبالسوق التحتاني
وبالصهاريج في بلدتنا :
فأيقظ فيّ أحزان البيوت القديمة .
.
الشباك المفتوح يظل ينظر للسماء طوال اليوم
وأنا أجلس في منتصف الحجرة
ومن حولي تناثرت الكتب مفتوحة الأغلفة
والقلم بلا غطاء ، وبامفليتات ملونة
ودعوات لمؤتمرات ملقاة بعفوية
وعلب الأدوية
وقصاصات الصحف ، وكروت شحن مستهلكة
وممحاة رمادية الأطراف
وأنا في المنتصف أبحث عن نفسي .
.
قدم كبيرة تدوس حشرة صغيرة غير مرئية
وطفولتي ضائعة :
أيام كنت أجنّ بالخروب وبالدوم وبالنارخ
وفي صباي كنت أجن بالفتيات اللائي
يجعلن شعرهن “ذيل حصان”
وها أنا أنزل في صفحتي في الفيسبوك
نصاً تشكيلياً للأقنعة ، لـ”عمر جهان”
لخلق شيء من التحقق
ثم أعود للكومبيوتر : وأبقى هكذا على المقعد
أنعس وأنتبه بشكل متوال
بينما المآسى اليومية لاتتوقف .
.
شربت كوب العرقسوس ، ثم شربت كوباً آخر
وفي عقلي من اللامعقول أكثر مما فيه من المعقول
والنساء جالسات على العتبات ، أمام البيوت الشعبية يبكين
ثم يقمن يرتبن الأدوات المنزلية التي
ترافقهن طوال اليوم :
أيتها الحياة .. أنت منضبطة بدرجة مخيفة
أيتها الحياة .. أنت فوضوية لدرجة العشوائية
.
الإنسان وحيد مهما أحيط بالزحام
كنت في طفولتي أريد أن أخلق حياة أخرى على مزاجي :
فأقضي الوقت مع إخوتي
متقمصين شخصيات درامية وعبثية
ونظل ـــ لساعات ـــ نصدق أنفسنا بصورة مطلقة
وكانت أختي “حنان” تتقمص شخصية “الغوريلا” الطيبة
ولاتزال حتى الآن تضحكنا بها :
فتمد فمها للأمام
وتغير صوت حنجرتها .