علمًا مـن أعـلام الإبــداع الفكري البارزيـن
“علي الطاهر” سيرة عطرة .. جمع بين الأصالة والمعاصرة فـي الفكـر والثقافة العراقية
إعداد : طارق فتحى السعدنى
عشق المعرفة وحب العلم جعلته يجمع بين الأصالة والمعاصرة فـي الفكـر والثقافة والمجتمع والــدرس الأكاديمي، فاحتلَّ مكانةً سامقةً في المدرسة النقديَّة العراقيَّة وهو ماجعلنا نسلط الضوء على سيرته العطرة
علي جواد الطاهـر مـن عشيرة الأكرع، ولد عام 1919م ، في عـكد المفتي بمحلة جبران، وكان أبوه من والوجهاء الإجلاء، وحين بلغ السادسة مِن عمره اصطحبه أبوه ليعلمه القرآن، وما تيسر من الكتابة والحساب، ثم دخل عام (1929م) المدرسة الابتدائية (الشرقية)، وظهرت هوايته لقراءة الشعر، و قبل أن تنتهي السنة الدراسيَّة عام (1935م) كان للطاهر دفتر صغير سجل فيه ما التقطه من أشعار وحكم وصور، وكان توجهه الأدبيّ واضحًا وطوعيًا، ثم بدأت دراسته الثانوية عام (1937- 1938م)، ودخل دورة تأهيلية للتعليم، وعين معلمًا مؤقتًا في الناصرية، ولكنه قَرر بعد إلغاء تعيينه أن يستأنف دراسته الأدبية، بعد انقطاعه عنها في الثانوية، فدخل دار المعلمين العالية، فأمضى فيها أربع سنوات وتتلمذ على يد ثلاثة أساتذة أجلّاء وهم البصير، والراوي، ومصطفى جواد ..
بدأت نشأته الأدبية في الأربعينيات، ومال إلى النقد الأدبي فقرأ ما تيسر له وزاوله في نطاق شفهي محدود ,
رسم لنفسه وللآخرين المشروع النهضوى الثقافى ، فقد حدد الممارسة النقدية لديه ؛ لأنه يعتبره المنبر والمحرك الفعاِل في تحركاته الفكرية الزمانية والمكانية، وكان يعطي اهتمامًا واســعًا لطلبته في التدريس الجامعي، بتواضع مميز وهدوء واضح وخلق نبيل وشــخصية قـوية،
ومن أقواله الشهيرة ” ليس كلّ مَن جلس على كرسي التدريس كان أوصار أستاذًا، فالأستاذ: علم وأدب وسلوك وشخصية”،
وقد وصف حبه للكتاب بالهواء الذي يتنفسه فيقول: ” إذا أبعدتني عن الكتاب أو أبعدت الكتاب عني فلن أتنفس”.
ولذلك امتلك الطاهر معرفة واسعة، وذخيرة لغوية كبيرة، وحكم اســتخدام الكلمة الصادقة التي ترسـخ في ذاكـرة الأجيال، وحينما تجـده يكتـب عـن التراث،
وكأنه يعيـش أحـداثه التاريخية، وأجواءه التكوينية، ثـم يكتب عــن المعاصـرة بروح العصر ذاته.
لمكانته العلمية، وتراثه الأدبي الضخم، الذي أثرى به المكتبة العربيَّة، وشــغل مكانًا مهمًا فيهـا أضافة نظراته الصائبـة التي ترتكــزعلى منهج نقـدي، لقب الطاهر بألقاب كثيرة منها “مدرس الأجيال وعميد الأدب العراقي وشيخ النقاد وشيخ مشايخ النقد”
أعتمد خلال مشواره فى مجال عمله الأسـس العلميَّة، والـدقة الواسـعة، والــرؤية الواضحة لطبيعـة الإبــداع الفكريّ , فكان علمًا مـن أعـلامها البارزيـن، ومـن محبـّي المقالة والمبدعين فيها