منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
عاجل واحة الإبداع

“صلاح عيسى” صنع لنفسه مدرسة شعارها ممنوع الاقتراب أو التقليد

13/ سبتمبر /2020
avatar admin
55
0

 

مسيرة كتابية حافلة وغنية

“صلاح عيسى” صنع لنفسه مدرسة شعارها ممنوع الاقتراب أو التقليد

 

إعداد : طارق فتحى السعدنى

 

يعد الكاتب الصحفى الراحل صلاح عيسى أحد رموز ومنظري التيار اليساري المصري، نجح خلال مسيرته أن يلقب “جبرتى العصر الحديث ” ، واستطاع بمهارة شديدة تقديم لون صحفي مغاير تمامًا، يتمثل يالكتابة الساخرة ,كما صاغ بقلمه حكايات من دفتر الوطن , وتناسقت حروف كلماته لتخرج رائعته “هوامش المقريزي” , قبل أن يتجلى في “بيان مشترك ضد الزمن” , كاشفًا عن “رجال ريا وسكينة “,  قضى حياته سيرًا على الأشواك، بـ مشاغباته مع الأنظمة ، حيث صنع لنفسه مدرسة خاصة ترفع شعار “ممنوع الاقتراب أو حتى التقليد ” ,وكان وكيلا لنقابة الصحفيين وعضوا بمجلس إدارتها في التسعينيات من القرن الماضي …

 

ولد الكاتب والمؤرخ والصحفي صلاح عيسى في الرابع من اكتوبر عام 1939 م بقرية ” بشلا ” بمحافظة الدقهلية , حصل على بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية عام 1961 متزوج  من الكاتبة الصحفية أمينة النقاش, ورأس لمدة خمس سنوات عددا من الوحدات الاجتماعية بالريف المصري ,كل الطرق في حياة الأديب الراحل صلاح عيسى كانت تؤدى نحو العمل الصحفي، ففي فترة مبكرة من شبابه أسس النادي الثقافي بمسقط رأسه، الذى شكل نافذة فكرية تنفس من خلالها أبناء بلدته هواة العلم والمعرفة، وكان ذلك عبر الاطلاع على العديد من الكتب والمؤلفات، إلى جانب مجلة حائط أسبوعية أشرف وحده على تحريرها وإخراجها…

 

توهجه الحقيقى كان أثناء دراسته بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، عندما أصبح العضو الأهم في هيئة تحرير المجلة الناطقة باسم هذا الكيان التعليمي، فكل الأساتذة والزملاء انجذبوا إلى طريقته المبهرة في الخطابة، وجذبهم أكثر أسلوبه بالكتابة، لذا تصدر المشهد أثناء فترة دراسته، وبمجرد تخرجه بدأ العمل الصحفي بصورة احترافية , بدأ مسيرته الصحفية كاتبا للقصة القصيرة ثم اتجه عام 1962 للكتابة فى التاريخ والفكر السياسي والاجتماعي , وكان آخر مقال كتبه على صفحات جريدة المصري اليوم : أين اختفت مشروعات قوانين تحرير الصحافة والإعلام …

 

وآخر جملة كتبها إن هناك رائحة كريهة تحدث في الدنمارك مستعيرا التعبير الشكسبيرى الشهير في مسرحية هاملت ,تفرغ للعمل بالصحافة منذ عام 1972 في جريدة الجمهورية , أسس وشارك بتأسيس وإدارة تحرير عدد من الصحف والمجلات منها الكتاب والثقافة الوطنية والهالي واليسار والصحفيون وترأس رئاسة تحرير جريدة القاهرة ,وكانت جريدة الأهالي، التي تحمّل مسؤوليتها التحريرية لسبع سنوات بعد اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات عام ١٩٨١، أكثر الصحف المصرية نفوذا وتأثيرا واحتراما، وكان عيسى نجمها الأول بلا منازع. وفى عهد مبارك وجدت (الأهالي) في نفسها الشجاعة الكافية لتحمل مسؤولية توسيع هامش المعارضة إلى حدود غير معتادة وحظيت بثقة الرأي العام ووصل توزيعها إلى ما يتجاوز الـ(١٥٠) ألف نسخة ,وفوق دوره الفكري والتوثيقي ومسيرته الكتابية الحافلة والغنية بالأعمال الأدبية فقد كان منذ مطلع شبابه ثوريا وسياسيا نشطا وتعرض للاعتقال جراء هذا أكثر من مرة، واعتقل لأول مرة بسبب آرائه السياسية عام 1966 وتكرر اعتقاله او القبض عليه أو التحقيق معه أو محاكمته فى سنوات 1968 و 1972 و 1975 و1977و1979و1981م ..

كان بسبب تمرده السياسي وقد تعرض للفصل عندما قرر الرئيس الراحل محمد أنور السادات أن يفصل معارضيه في الصحافة المصرية، فكان ممن تعرضوا للفصل من جريدة الجمهورية ولجسارة موقفه من الرئيس الإمريكي كامب ديفيد وجد نفسه مرة ثالثة معتقلا في سجن القلعة بتهمة اعتبرها عارا على النظام وهى: العداء لإسرائيل و كان ذلك في شهر يناير١٩٨١ وحينا ذاك رافقه إلى المعتقل الخبير البارز في الشؤون الإفريقية حلمي شعراوي ,أصدر أول كتبة عن الثورة العرابية عام 1979 وصدر له 20 كتابا فى التاريخ والفكر السياسي والاجتماعي والأدب منها تباريج جريج ومثقفون وعسكر ودستور فى صندوق القمامة ورجال ريا وسكينة ,فكان يرى في خصومه مزاياهم، باعتبار أنه لا يوجد شر مطلق في البشر . كما تميز فى كتاباته التاريخية، فكان هذا نابعًا من عشقه وشغفه بعلم التاريخ، فقد كانت لديه فلسفة خاصة وفكرة رئيسية تقود قلمه، ألا وهى التأثير، الذى يعنى الوصول لأكبر قاعدة قُراء بأعمق وأيسر طريقة ممكنة…

     

ومن هنا لجأ إلى الكتابة بالأسلوب القصصي والروائي، باعتبارها أقرب الطرق لقلب وعقل المتُلقي , فنجح صلاح عيسى بصنع هذه التوليفة باقتدارو سر هذا التفرد اطلاعه على كل المؤلفات والكتب، فالمعرفة، من وجهة نظره، لا حدود لها ولا سماء تظلها، لذلك فقد ضمت مكتبته أعمالًا إسلامية وأوروبية وروايات عدة ، ولهذا لم يكن مستغربًا أن يقدم واحدة من أهم الدراسات التي حللت شخصية سيد قطب …

عشقه لمهنة الصحافة كان سببًا فى نجاح التجربة، فقد كانت لديه مهارات خاصة فى إخراج الصفحة وتوظيف الصورة والاهتمام بالمتن وجمع المادة، بجانب إتاحته الفرصة لجيل من الشباب.. كان يبحث عن التحقق فى وسط صاخب لا يحصل فيه الموهوبون على فرصة حقيقية إلا على استحياء. باختصار كان صلاح يشبه القطر في علاقته مع القراءة، فتجده بجميع أحواله وحتى أهواله منكفئًا على الكتب …

فلا يمكن أن يمر الحديث فى صحيفتنا دون التطرق إلى الراحل صلاح عيسى والحديث عن تجربته الرائدة فى بلاط صاحبة الجلالة ، التي مثلت في حياة الكاتب والمؤرخ الراحل فتحًا صحفيًا جديدًا وأحدثت حيوية بشارع الثقافة بمصر بتأثيرها الواسع…

اللمحة الفاصلة التي أسهمت فى ثراء التجربة تمثلت فى تأثر صلاح عيسى صاحب جائزة نوبل الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، فهو كان لا يمل ولا يكل من قراءة أعماله أو سماع أحاديثه، أو حتى ما يكتب عنه، فقد كان حافظًا لقطع من كتاباته، ودائمًا ما يرددها، ويقول عن الأديب الكبير إنه شخص متسق مع نفسه، ويتمتع بالتواضع وينعم بالسلام النفسي …

عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.