الاخلاص في العمل والتفاني من أجله.. ميزة في التركيب الوجداني والفكري لا يتمتع بها الا قلة من الناس، لذا تجدهم يتبنون وينتمون ويدافعون ويغضبون ويزعلون ويناقشون بحرقة ودفاع مستميت من أجل أعمالهم أو أماكنهم الوظيفية لانهم أنقياء يعملون عن قناعة ويريدون ان يبقى المكان وإنسانه بصورة بهية ولا يقبلون تشويه المغرضين أو أولئك الحاقدين الحاسدين الذين أصيبوا في أبصارهم وعقولهم وصدوا عن جادة الصواب وأخذوا ينثرون التهم ويقللون من شأن الآخرين وانجازاتهم.. وأنا في هذا المقام أشفق على الإنسان السلبي الذي يلتزم الصمت رغم قناعته بخطأ الطرف الآخر.. واحترم من يدافع عن عمله ومصدر رزقه بالدليل والاعتقاد الصائب.. وقد رصدت خلال مسيرتي البسيطة في هذه الحياة نوعاً من البشر لا يعمل ولا يدع غيره يعمل ولا يملك في هذه الحياة الا نظرة التآمر والتخطيط وان الكل يريد إيذاءه.. بل إنه يضع نفسه وثلة من شاكلته في طريق إبداع المنجزين وهؤلاء سكن الهم والغم قلوبهم واستوطن الحقد نفوسهم واسترسل الحسد ليقطن ذواتهم وقد صورهم الامام الشافعي بقوله:
كل العداوة ترجى مودتها
إلا عداوة من عاداك عن حسد
وقوله في مكان آخر:
وكيف يداري المرء حاسد نعمة
إذا كان لا يرضيه الا زوالها
وللحسد أبسباب عدة لا يمكن حصرها إلا أن من أهمها تمكن الدنيا من القلب وقلة الإيمان وحب الذات وكراهية الآخرين خصوصاً البارزين بأعمالهم! وهو يدرك في داخله ان هذا المنجز الذي قاموا به هو جهد وتعب الليالي إلا انه يبخل على ذاته بالعلو ومواصلة العلم والمعرفة ومخالطة الرجال وينزوي بين أروقة «مجموعة» من الأصدقاء ليمارس علوه الوهمي مخطئاً هذا ومقللا من عمل ذاك وكارهاً لنفسه ومثل هذا النموذج يفضل الابتعاد عنه والصبر عليه وصدق القائل:
أصبر على كيد الحسود
فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها
إن لم تجد ما تأكله
ونصيحتي الابتعاد عن هذه النوعية من البشر فهو غير عقلاني يتصادم بلسانه لا بعقله ولا يقبل إلا النيل من عطاءات الآخرين وقواه الظلامية تحركه وتدفعه لتدمير كل جميل يراه بدعوى الخوف على الآخرين!
إن هذا النموذج الإنساني يعطيك انطباعا بانك تجلس أمام رجل ميت.. تمشي كلماته فقط من على لسانه وينفذ السموم وعن هؤلاء نقول لكم تعاملوا معهم بحذر واتبعوا قول الامام الشافعي:
زن من وزنت بما يزنك
وما يزنك به فزنه
من جا إليك فرح إليه
ومن جفاك فصد عنه
من ظن انك دونه!
فأترك هواه إذن فهنه
وارجع إلى رب العباد
فكل ما يأتيك منه