يمزج السياسة بالأدب والثقافة
“سمير عطا الله” صحفي كبير واسع الثقافة شامل الرؤية عميق النظرة
إعداد : طارق فتحى السعدنى
سمير عطا الله هو كاتب لبناني، ولد في بيروت في 1 يناير عام1941م عمل في كل من صحيفة النهار ومجلتي الاسبوع العربي والصياد اللبنانية وصحيفة الأنباء الكويتية… عرف بأنه يمزج السياسة بالأدب والثقافة بالحدث , يكتب زاوية يومية في “الشرق الأوسط” منذ 1987م ومقالاً في صفحة الرأي كل خميس…
له عشر مؤلفات في التاريخ والرواية والسفر, عمل مراسلًا لجريدة النهار في أوروبا والأمم المتحدة ، وعمل في الكويت مديراً لتحرير الأنباء، وترأس تحرير “الصياد” في لندن و”الأسبوع العربي” في بيروت …
وفيما يبدو أن الكاتب اللبناني سمير عطا الله عاش في مصر فترة، تنقل خلالها بين مؤسساتها الصحفية وعرف مفكريها ومثقفيها وتذوق بعمق الروح المصرية حتى كاد أن يكون جزءاً منها لكنه نظر إلى كل الشئون المصرية من زاوية عربية تعرف ظروف مصر وتعلم مشكلاتها وتقدر المصاعب التي مرت بها، لذلك جاءت كتاباته عصارة واعية للحالة المصرية دائماً، فضلاً عن لغة رشيقة وعبارات موجزة ومعلومات غزيرة وانتقال ذكى من موضوع إلى آخر في تعددية ورحابة تجعله من الشخصيات الموسوعية بالعلوم الإنسانية والدراسات السلوكية متميزاً بروح ساخرة فتجد أن حديثه لا يقل حلاوة عما يكتب، كما أن حكاياته لا تقل أيضاً طلاوة عن أفكاره، وهو يكاد يكون لمعظم الدول العربية جزءاً لا يتجزأ منها بحكم فهمه لها ووعيه بظروف كل منها، ولعل أهم ما يلفت أنه يتناول قضايا مهمة من تلك المسكوت عنها، وكأن ولاءه للقارئ يدعوه أحياناً إلى كشف المستور والبحث بعمق فيما وراء الأخبار ومناقشة العيوب العربية والأمراض القومية بشجاعة مباشرة تؤكد أن ذلك الكاتب العربي الكبير يستخدم مساحة الحرية المتاحة إلى نهايتها ويتابع برصد أمين كل ما يدور حوله لبنانياً وعربياً ودولياً…
إن سمير عطا الله ، ذلك الكاتب صاحب اللغة الخاصة والتعبيرات المتميزة، هو كاتب عربي تسبق قوميته ديانته وذلك معيارٌ للسمو والتحضر، فالدين علاقة بين الإنسان وخالقه أما القومية فهي علاقة بين المرء ووطنه , سمير عطا الله كاتباً معروفاً وقف إلى جانب مصر والمصريين في أحلك الظروف وانتصر لقضايا شعب الكنانة بغير تردد، ولسوف تبقى كتاباته الرصينة مصدر إلهام لجيلنا والأجيال التالية , وحول معايير العمل الصحفي بشكل عام والكتابة في الشؤون الدولية بشكل خاص…
وأوضح الكاتب اللبناني أن ذلك كان يقتضي الاطلاع على ما كان شائعاً آنذاك، فالتلفزيون كان نادراً، والراديو كان محدوداً والصحافة المكتوبة كانت في أوجها، قراءة الـ “إيكونومست” عند أهل المهنة، كانت نوعاً من الواجب وكشف الكاتب اللبناني تتسع في العزل فسحة التأمل، وتكبر عدسة الرؤية، وكلما اقترب الإنسان من نفسه، خاف شطط الآخرين. وفي مثل هذه الحالات الغريبة والغامضة الاسباب، يصبح كل فرد مسؤولاً المسؤولية الكبرى، الموت والحياة. العدوى والانتحار. وتتعرى الحياة إلا من الجوهر. ويسقط التأويل اللفظي امام حقائق الكارثة. وتتطلع الشعوب والأمم إلى اهل الصدق والثقة والعقل، لأن اللحظات الحرجة لا تحتمل الزيف والعروض الفارغة…
وعن تحوله من مداومة قراءتها إلى النفور قال عطا الله تنتهي المراحل الاستعراضية بأثمان فادحة على الناس. وتتحول البهلوانيات الفارغة الى فواجع. وما اقبح الاستعراض الفارغ حين يتم فوق الجثث وبين صرخات الاستغاثة…
وأستشهد الكاتب اللبناني في أحدى كتاباته قائلا : عن ازمات الفراغ المريعة، حيث تتطلع الناس الخائفة إلى النبلاء إلى ذوي الفكر والرؤية وحكمة المسؤولية إلى الذين يستقرئون العواصف والأعاصير عندما يرون تلبّدها عاماً بعد عام , فحياة الناس ومصائر الدول وأرزاق الشعوب، ليست نكتة لا طعم لها ننقلها بين الأمكنة، إلى أن نرتطم بهذا الجدار الرملي السريع ، ولا يبقى لنا حينها سوى أن نضع اللوم على الحزب الديموقراطي والإعلام المزيف…هذه هي مآسي الديموقراطية: أن يقع الناخب في الهوس، فتصبح الحريات والتقاليد مهددة في اكبر مهادها , فكلما كلما تدهورت الصحافة الورقية والأسبوعية، ازدادت هي ازدهاراً …