منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
مقالات وآراء

زبيبة الصلاة

26/ فبراير /2021
avatar admin
256
0

بقلم  : بهجت العبيدي

 

أتساءل دوما عن طريقة إلقاء التعاليم التي من شأنها أن تترسخ في النفوس والعقول والقلوب فهي ذاتها التي تظل عبر العمر مؤثرة في

سلوك الإنسان، أتساءل: هل نحن في مصر، ناهيك عن الدول العربية والإسلامية، نعمل على غرس القيم المثلى؟!.

تلك التي لا تتعارض مع تعاليم الدين: الإسلامي أو المسيحي، لا بل لقد جاءت الأديان كلها من أجل غرسها وتنميتها وتعزيزها في

نفوس أتابعها.

ثم يدفعني واقع الحال لسؤال آخر: لماذا هذا الهوس لدينا بالشكل دون المضمون؟!. هناك حرص هائل على إظهار الناس أنفسهم كعباد تقاة.

وفي هذا الصدد: دخلت في مناقشة على صفحة أحد الأصدقاء وهو الأستاذ إيهاب صقر، وكان قد كتب منشورا به تصريح للدكتور وزير

الأوقاف المصري ذكر فيه أن علامة الصلاة المتعارف عليها في المجتمع المصري باسم “زبيبة الصلاة” ليس لها علاقة بما ورد في الآية

الكريمة “سيماهم في وجوههم من أثر السجود”، بل هي حساسية في الجلد.

طبعا لست في حاجة لأن أصف لحضراتكم أيها القراء الكرام، هذا الكم الهائل من الهجوم على وزير الاوقاف، فدخلت، كحالة استثنائية،

أتفق مع الدكتور محمد مختار جمعة، وكنت بكل تأكيد متوقعا لرفض رأيي، فإن كان قد هوجم الدكتور وزير الأوقاف، هل لن تطولني

سهام مقصودة أو حتى طائشة؟!.

في أثناء المناقشة الطويلة التي دخلت فيها، ذكرت: أنه لو إنسان غير مسلم قام بالسجود بهذه الهيئة التي يقوم بها أصحاب “الزبيبة”

وعلى نفس السجادة الخشنة التي هي بسبب الاحتكاك بينها وبين جبهة الساجد تحدث هذه العلامة، قلت لو فعل ذلك إنسان غير

مسلم لمدة طويلة نسبيا، لظهرت في جبهته هذه العلامة، وما من شك أن غير المسلم المُفْتَرَض هذا لا يؤدي الصلاة الإسلامية التي

جزء منها “فرض” السجود، هنا ثارت ثورة أحد الرافضين لتعليقي ورفض مثل هذا الفرض، فذكرت له مثلا آخر أكثر وضوحا وعمليا حيث

قلت له إن هناك دولا إسلامية كاملة ليس لأهلها تلك “الزبيبة” لا لشيء سوى لأنهم لا يضغطون بجباههم بشدة هذا من ناحية، ومن

ناحية أخرى لأنهم يسجدون على سجاد ناعم، وذكرت له أننا هنا بالنمسا نصلي مع جنسيات مختلفة، ومنها على سبيل المثال الأخوة

البوسناويين والأخوة الأتراك والأخوة الألبان، وجميعهم رغم صلواتهم معنا على سجاد ليس خشنا، ليس لديهم تلك “الزبيبة”.

كل هذا طبعا لم يقنع المحاور الذي يصر، وأنا أعذره وأتفهم رأيه بكل بساطة بل وكل تقدير، على أن “الزبيبة” هي تفسير الآية الكريمة.

إننا في مصر، والحمد لله، نحرص على أداء الصلاة، بل نحرص على أن يزين جبهتنا “زبيبةُ” الصلاة، و نحرص الحرص كله على صيام شهر

رمضان، لا بل صيام النوافل التي هي من الكثرة لتدعونا لفتح باب التأكد منها، فهناك من يصوم أغلب أيام الشهر، ليس شهر رمضان

بالطبع، بل أغلب أيام كل الشهور، وغير ذلك من عبادة خالصة لله عز وجل.

ونعود ونتساءل: إن كنا حريصين كل هذا الحرص على أداء عبادة الله عز وجل، فمن أين كل هذه الشكوى التي تطالعنا كل يوم، لا حاشا لله، بل كل ساعة على صفحات التواصل الاجتماعي؟!. فالكل، تقريبا، غاضب من الكل، والجميع، تقريبا، ناقم على الجميع.

أعود لطريقة إلقاء التعاليم التي ذكرتها في أول سطر في هذا المقال، حيث أزعم أنها، مع غيرها من عوامل بالطبع، أحد الأسباب التي

أدت إلى انفصال عبادة الله الواحد عن التعامل، الذي هو الدين كما يقال، فالدين – في كلمة واحدة – المعاملة، وإني أزعم أيضا أنه لو تم

التركيز في إلقاء تلك التعليمات التي تربط ربطا وثيقا ما بين حقوق الله عز وجل وحقوق الناس ربطا لا انفصام فيه، على الأطفال في

المراحل الأولى من العمر، لساعد ذلك مساعدة كبيرة في ضبط حركة المجتمع، وكذلك في الارتقاء بالتدين من الحرص على الإتيان

بفروض العبادة لله عز وجل، وربطها برباط وثيق، وهذا هو ما أمر به أيضا الدين، للحرص على التعامل بصدق وأمانة واجتهاد في العمل،

ذلك الذي إن تم فساعتها لن نجد هذا الضجر الدائم وتلك النقمة المستمرة على صفحات التواصل الاجتماعي.

عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11242

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.