قصة قصيرة : إنجي عبده مقلد
” أنتم أسرة من الزمن الجميل” .. هكذا وصفنا كل من يعرفنا من الأهل والأقارب و الأصدقاء، فنحن أسرة تعشق الهدوء و النظام ونعيش حالة خاصة جدا.
منذ أن بلغت السابعة من عمرى و يومى غنى بالتفاصيل، أصحو من نومى مع العصافير على صوت جرس التنبيه، أستعد للذهاب إلى مدرستي الجميلة، حقيبتى غنية بالكراسات والأقلام الملونة غالية الثمن.
وجبتى فى المدرسة ثابتة لا تتغير، فهى دائما ملفوف التونة بالخضروات الغنى بالفيتامينات و المعادن، وملفوف النوتيلا بالبندق الغنى بمضادات الأكسدة و الطاقة، وتفاحتى الشهيرة التى دائما أعود بها إلى منزلى مرة أخرى.
كل ما أحمله غنى إلا أنا الفقيرة الوحيدة، فأمى تخشى أن تعطينى مصروف كبير مثل صديقاتي حتى لا أشترى أشياء مضرة.
رحلتى إلى المدرسة كانت أرستقراطية جداً، سائق سيارة المدرسة يرتدى الزى الرسمى، وأتوبيس المدرسة بلونه الأصفر الذهبى وستائره الداكنة التى
تحجب حرارة الشمس عن الطلبة، وأنا وزملائى فى مقاعدنا بمنتهى الهدوء.
أنا الآن انتهيت من دراستى بالمرحلة الإبتدائية ومقبلة على دخول المرحلة الإعدادية.
وبعد محاولات عديدة ، و رفض من الأسرة جميعاً، وافقوا أن أذهب إلى المدرسة سيرا على الأقدام، رغبة منى فى التغيير.
إنه اليوم الأول فى المرحلة الإعدادية، لا زال كل ما حولى غنى، إلا زيادة طفيفة في مصروفى اليومى.
بدأت السير فى طريقى إلى المدرسة، وبعد أن خرجت من نطاق منزلى إلى الشارع الرئيسى شعرت باختناق من عوادم السيارات والغبار الذى ملاء ملابسى و شعرى، حتى حذائى الأبيض اصفر لونه واختنق مثلى.
تسبقنى فى السير سيدة ترتدى فستان أحمر قصير جداً، ويبدو أنها استخدمت ألوان المياة لتلوين وجهها فبدت لى مضحكة مثل ” البلياتشو ”
يجرى بسرعة من جانبى شاب، لا أعلم إذا كان هناك من قام بتقطيع سرواله، أم أنه اشتراه بكل هذه الرقع و الخيوط، هو غريب بكل المقاييس، شعره طويل وعليه صبغة حمراء من المنتصف، وتسريحته تشبه الديك الشركسي، يرتدى سلسلة وخواتم كثيرة.
انتابنى القلق وشعرت أننى فى حاجة إلى أن أفتح حقيبتى المدرسية لأطمئن أن تفاحتى لا زالت موجودة بها.
اضطراب يسرى فى جسدى كله واعتقدت أننى ”ربما أكلت التفاحة ”.