كتب : ميثولوجيات تاريخية لأحمد الرفاعى
هي أحد أفضل حكايات الحضارة المصرية القديمة، الحكاية مبنية عن أحداث لشخصية حقيقية لها بداية ولها نهاية.
حكي (سنوحي) قصته بأنه كان خادمًا للملك (أمنمحات الأول) ولنساء القصر الملكي، كما يروي أن الملك (أمنمحات)
أرسل حملة إلى (التحنو) وهي قبائل ليبية على الحدود الغربية لمصر بقيادة ابنه (سنوسرت الأول) الذي استطاع
هزيمة التحنو، والحصول على الكثير من الغنائم..
وفي ذلك الوقت جاء أمناء من القصر الملكي إلى (سنوسرت) ليخبروه عن المؤامرة التي أدت إلى اغتيال أبيه، فعاد
(سنوسرت) مسرعًا إلى القصر الملكي دون أن يعلم الجيش بذلك، إلا أن (سنوحي) الذي كان معه في الحملة استطاع
أن يعرف ما حدث فاستبد به الخوف والقلق، فقرر الهروب دون أن يذكر أية أسباب لذلك، ويصف سنوهي هروبه، وسفره
من مكان إلى مكان حتي أصابه الظمأ، وسقط مغشيًا عليه وظن أنه سيموت إلا أنه سمع صوت الماشية ورأى بدوًا وقد
تعرف شخصًا منهم عليه، وقدم إليه ماء، وأخذه إلى قبيلته التي عاملت (سنوحي) معاملة حسنة لينتقل بعد ذلك من
بلد إلى آخر حتى مكث عند أمير رتنو العليا (فلسطين)، ويدعي (عاموننشي)، ويحكي (سنوهي) أن (عاموننشي)
طمأنه، ووعده بأنه سيكون بحال أفضل معه ..
ويفسر (سنوحي) ذلك بأن الأمير (عاموننشي) يعلم به، وبحكمته، وصفاته، كما أن المصريون الذين كانوا هناك شهدوا
له بذلك، وعندما سأله (عاموننشي) عن السبب الذي أتى به فأخبره (سنوحي) بأنه عندما سمع خبر ما حدث في
القصر الملكي ارتعدت فرائصه، وخاف رغم أنه ليس متهمًا ولم توجه إليه أية تهمة، كما سأله أمير (رتنو العليا) عن
الأوضاع في مصر بعد وفاة الملك (أمنمحات) فأخبره أن (سنوسرت الأول) تولي الحكم، ويسرد واصفًا، ومادحًا للملك
الجديد…
يحكي (سنوحي) بعد ذلك عن المعاملة الحسنة التي تلقاها من قبل الأمير الذي زوجه كبرى بناته كما منحه أرضًا
جميلة وافرة الخيرات تسمي (ياء) واصفًا ما فيها من التين، والكروم والزيتون، والقمح، والشعير، وغيرها من الفواكه
التي كانت تمتلئ بها الأشجار، وأيضًا الأعداد الكبيرة من الماشية، كما يصف حب الناس له حتي أصبح حاكمًا لقبيلة،
ليقضي عدة سنوات استطاع فيها أن يفرض سيطرته، ويكبح جماح المتمردين من رؤساء الصحاري حتي جعله الأمير
على رأس أولاده..
وعندما كبر أبناء (سنوحي) سار كل منهم يحكم قبيلته، ويحكي عن رجل قوي جاء ليبارزه في معسكره، ويسرق
ممتلكاته، ويفسر سلوك هذا الرجل بأنه ربما كان حاقدًا عليه بسبب المكانة، والقوه التي حظي بها وقد قضي عليه بكل
سهولة بطعنة بالسيف في قلبة..
فرح أمير (رتنو العليا) بذلك وضمه إلى صدره، بعد ذلك تحدث عن حنينه إلى وطنه (مصر) ورغبته الجارفة في العودة
إليه، وأن يدفن في ترابه، وخاصة أنه قد كبر في السن، ويحكي بأن الملك (سنوسرت) قد علم بحاله ليصدر بعد ذلك
قرارًا بالعفو عنه ويسمح له بالعودة إلى مصر، ويصف رحلة عودته إلى الوطن واستقبال الملك له، كما يصف مخاطبة
الملك للملكة.
قائلًا لها:
انظري هذا هو سنوهي الذي عاد كأسيوي من نسل أهل البدو.
لتصيح الملكة وكذلك أبناء الملك معًا مندهشين من منظره، وهيئته قائلين:
حقًا كأنه ليس هو أيها الملك.
ليجيب الملك:
حقًا أنه هو.
يحكي (سنوحي) بعد ذلك عن طمأنة الملك له، ويصف جمال المكان الذي أقام فيه في القصر الملكي، وحالة الرخاء التي عاشها هناك، وتحدث عن بناء مقبرة فخمة له، كما قال أنه ظل متنعمًا بالكرم الملكي إلى يوم مماته.
المصدر
من كتاب سنوحي الهارب النبيل.