منصة المشاهير العرب مرخصة من الهيئة العامة للاعلام المرئي والمسموع السعودي , ترخيص 147624
مجالس العز

حققها ابن عقيل ولم تر النور …..مخطوطة حداء الخيل للأمير محمد السديري

06/ مارس /2021
avatar admin
569
0

كانت الرواية الشفهية في مجتمع الجزيرة العربية الى عهد غير بعيد هي الوسيلة

 

الرئيسية لنقل المعارف والمعلومات من جيل الى جيل وخاصة في المسائل التاريخية

 

والنصوص الادبية والمأثورات الشعبية وأنساب العرب وتراثهم بسبب سيادة الأمية

وندرة المصادر المكتوبة؛ والحقيقة ان الوضع تغير في زمننا الحاضر بسبب انتشار العلم

والثقافة وبروز الباحثين والمؤرخين، ولكن لا زال هناك غموض وزوايا مظلمة في تاريخنا المحلي

شح المصادر المكتوبة يقف حائلاً دون توضيحها؛ مما جعل عدداً من المؤرخين يتعلق بالشعر

العامي كمصدر تاريخي لا يمكن تجاهله وبالتأكيد ان المكتوب من هذا العامي في السنين المبكرة

من تاريخ المملكة العربية السعودية له أهمية قصوى.

من هنا ندرك اهمية العثور على المصادر المكتوبة بصفة عامة واخراجها للناس

 

قبل ان تجرفها عوادي الزمن وتختفي من الوجود فما بالك اذا كان هذا المكتوب

 

متميز الموضوع نادر الوجود ومتعلقا بتاريخ الجزيرة العربية وآدابها عندئذ يعتبر وثيقة

 

تاريخية يجب المحافظة عليها وتهيئتها للبحث والتحقيق.

من هذه المصادر (مخطوطة حداء الخيل) للأمير محمد الأحمد السديري التي

 

لازالت رغم مرور حوالي 30عاماً على وفاته رحمه الله حبيسة في كراسات النسيان

 

فرغم صدور شيء من إبداعه الأدبي بعد وفاته الا ان هذه المخطوطة الهامة

في احد جوانب أدبنا الشعبي المتعلق بتاريخ الجزيرة العربية في فترة الغموض

وشح المصادر ظلت غائبة تماماً ولولا اشارات الشيخ العلامة ابي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري

عنها في ثنايا مؤلفاته لم يعلم عنها أحد.

وسنبدأ أولاً بتعريف موضوع المخطوطة وهو حداء الخيل وهناك من يسميه حداوي الخيل:

 

وهي عبارة عن أراجيز شعرية يهزج بها الفرسان على ظهور الخيل ترتبط بحروب الصحراء

وتكون عادة قبل المعركة أو في الطريق اليها وقد تكون اثناء المعركة او بعد نهايتها

بتحقيق النصر وهدفها الاساسي هو بث الحماس في النفوس وارهاب العدو وتهديده؛

فمضامينها مرتبطة بالفروسية، ولذلك فهو فن متعلق بالفرسان وليس بالشعراء

وقد يكون قائلها لا يجيد الشعر أصلا لأنها عبارة عن مقطوعة قصيرة من بيتين في الغالب،

لكنها قد تصل الى اربعة او خمسة ابيات في النادر ويغلب عليها طابع الارتجال وليد اللحظة

وفي مجملها تخليد لبطولات الفرسان وانتصارات القبيلة هذا التخليد جسد اللفتات التاريخية

في هذا النوع من الادب الشعبي ومن هنا ندرك اهميته وبسبب غلبة الارتجال عليه لم يجد

الاهتمام من الباحثين او من جماع الشعر الشعبي.

اما وقد عرفنا موضوع المخطوطة فمؤلفها هو الأمير محمد الاحمد السديري علم من أعلام الادب الشعبي شاعراً ومؤلفاً رجل من رجال الوطن المخلصين ممن ساهموا في التوحيد والبناء وهو من الشهرة بمكان يغني عن التعريف به وقد توفي رحمه الله عام 1399ه..

وسنورد فيما يأتي ما يثبت وجود هذه المخطوطة من خلال ما ذكره الباحثون في تاريخ الجزيرة العربية وآدابها موثقاً من مصادره؛ والفضل في التعريف بهذه المخطوطة ولفت الانظار اليها هو للشيخ العلامة ابي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري الذي قبضها بيديه وعمل عليها مقلباً صفحاتها وشارحاً جزءاً منها بتكليف من الأمير السديري رحمه الله، ولكن الأمير توفي قبل ان يتم عمله.

قال ابن عقيل في حديثه عن حداء الخيل في الجزء الثالث من كتابه (ديوان الشعر العامي بلهجة أهل نجد) ص15: “ولولا الله ثم عناية الأمير السديري رحمه الله بجمع الاحديات مع ما جمعه موزل لضاعت جمهرة هذا الشعر وسيظل الدارسون عيالاً عليهما في هذا الباب”.

ونجده في كثير من المواضع في هذا الكتاب يحيل اليها بعبارات مختلفة “وهكذا رويت الأحدية من كراسات الأمير السديري رحمه الله” وفي موضع آخر: “وفي كراسات السديري رحمه الله” وغيرها.

وقال في كتابه (مسائل من تاريخ الجزيرة العربية) ص 43: “هناك أحديات عديدة.. رويتها عن الأمير محمد الاحمد السديري رحمه الله ونقلتها من كراساته وكل ما لم أحل اليها هاهنا فهو من كراساته” وقال في عدة مواضع ايضاً: “وردت في كراسات السديري”.

واشار ابوعبدالرحمن في مذكراته (شيء من التباريح) ص 122الى قصته مع هذه المخطوطة وقيامه بتسليمها بعد وفاة السديري لابنه الأستاذ مشعل حيث قال: “.. قال ذلك مشعل وهو يستلم مني الأثر النفيس (أحديات الخيل) لوالده معالي الأمير أبي زيد محمد الاحمد السديري وقد شرحت الجزء الاول وبيضته فاخترمته المنية رحمه الله قبل ان أتمه ولم يبق مشعل عندي مسوداته لأنجز المشروع؛ وكان الأمير رحمه حريصاً على قيامي شخصياً بشرح الكتاب وترتيبه عقب زيارتي له صحبة محمد الحمدان بالخفيات على طريق حائل قرب بريدة فصادف ذلك نزول مطر غزير مع جو خلاب فتيامن بنا – والفأل حسن والطيرة مذمومة، فانبسط لنا وأكرمنا غاية الاكرام فإن اراد مشعل بعث الكتاب من مرقده فلي حق عليه ان يترك معاودة الجزء الاول بشرحي فلي فيه هناك وتصحيفات وأوهام ولا ادري لماذا حجب مشعل هذا الاثر النفيس؟”.

ويأبى ابوعبدالرحمن – لله دره – إلا ان يلتمس عذراً للأستاذ مشعل السديري ويحاول اقناعه موضحاً اهمية المخطوطة بقوله: “فإن كان المزايدون على اللغة شبهوا له ان هذا أثر عامي والعامية يجب ان توأد وانه امتثل لهم فبئس والله ذلك الرأي من رأي ولا بارك الله مثل ذلك الامتثال بل هو والله لغة وأدب وتاريخ شحيح ولا يزال الأدب العربي يسترفد من الادب الخواجي فكيف لا يفيد من العامية وهي بنت العرب؟ ولا تزال الفصحى تقترض من العجم والفرس واليونان والحبشة افلا تأخذ من بنت العرب ما كان على اسلوب النمو المشروع للغة وما كان فصيحاً لا ذنب له الا استعمال العامة”.

وكأن أبا عبدالرحمن يلمح الى ان سبب حجب هذا المخطوط عن النشرهو تحفظ مشعل السديري على العامية لغة وأدباً.

أما وقد وضحنا موضوع هذا (الأثر النفيس) وأهميته ومكان وجوده فلابد من الحديث عن اسم المخطوط وحجمه اما حجمه فقد ذكر أبو عبدالرحمن في (مجلة عالم الكتب؛ ربيع الآخر 1403ه) انه يناهز أربعة أسفار واما اسمه كما ذكر فهو (هكذا تكلم اجدادنا على صهوات الجياد).

وقد استمعت الى تسجيل بصوت السديري في لقاء اذاعي معه عام 1397ه يشير الى جمعه (اهازيج الآباء والاجداد على صهوات الأجداد)، حيث قال رحمه الله: “يقولون عندما يتأهبون للهجوم في المعركة يعبرون بها عن مشاعرهم..” وضرب مثلاً بعدد من الأحديات وشرحها.

@ نماذج من أحديات المخطوط كما أوردها ابن عقيل:

أحدية هذال بن فهيد:

يا أهل الرمك كل يجيب حداه

انتم وراكم ما تحدون

ترى الحدا لاهل الرمك مشهاه

فكاكة التالي نهار الكون

أحدية أخرى:

يا الله طلبناك الهدى

والستر والعلم المليح

ربعي مدابيس العدا

وان حولوا خلف الطريح

أحدية حاد من حرب:

من لا تخيل من بنات نصير

يموت ودينه ما قضاه

من فوقهن نرمي العشا للطير

بمشلشل عود القنا يبراه

ورغم صدور عدد من الكتب التي تتناول حداء الخيل ككتاب الدكتور سعد الصويان الذي قال ص 26:- “وقد نمى الى سمعي ان هناك مخطوطاً يحتوي على الكثير من حداء الخيل من عمل المرحوم محمد الاحمد السديري ومع الأسف ان هذا المخطوط لم ير النور حتى الآن” – وكتاب احمد العريفي وكتب الاحديات الخاصة بقبائل معينة إلا ان الحاجة ملحة لهذا المخطوط لانه هو المصدر الرئيس لكل من تحدث عن حداء الخيل – باستثناء الصويان – وان كانوا لا ينقلون عنه مباشرة بل عن طريق ابي عبدالرحمن بن عقيل.

وأخيراً ليس لدينا من قول سوى تكرار ما قاله ابو عبدالرحمن في مجلة عالم الكتب: “.. فلعل أخي مشعل السديري يحيي آثار والده الجليلة، وذلك بنشرها فكم من متشوق وكم فيها للمستزيد من غنى”.

عن الكاتب : admin
عدد المقالات : 11326

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.