عرف بعشقه للسعودية وطنا وشعبا :
وفاء الفنان “على عبد الستار” وصدقة مع ذاته والحق أحرج قناة الجزيرة
هو فنان بكل ما تحمل الكلمة من معنى ؛ وليس دخيلا على الفن ولم يهبط عليه بالبراشوت بين عشية وضحاها كالكثيرين ؛ فهو يحمل كثيرا من المعاني الإنسانية النبيلة ؛ تأتى في مقدمتها الصدق ؛ والتي مكنته من صناعة مجد فنى له يدوم لقرابة نصف قرن من الزمان …
تشعر وأنت تسمعه أنك أمام جزء فريد من التراث الخليجي النادر؛ حيث تحمل أعماله الغنائية كثيرا من ملامح الماضي الجميل ؛ وعراقة الفن العربي الأصيل ؛ وبرغم عمليات التطوير والتحديث التي دخلت على فنه ومشواره الفني إلا أنه مازال متمسكا بثوابت الفن والتراث الخليجي والعربي بشكل واضح …
ولد الفنان والمغني القطري علي عبد الستار في شهر يناير لعام 1952 ميلادية ؛ وانطلقت مسيرته الفنية الحافلة بالإنجازات فى مطلع سبعينيات القرن الماضي ؛ واشتهر منذ بداياته بمقدرته الفائقة على عملية تطوير بعض الأغاني الشعبية القديمة ؛ وكان من أشهرها التي خضعت لهذه التجربة الناجحة وحققت نجاحا منقطع النظير ؛ تطويره لأغنية “يا حبيبي ترى القلب” للشاعر السعودي الكبير خلف بن هذال العتيبي…
ولعبت هذه الخاصية دور البطولة في انتشار فنه وذياع صيته فى مختلف أرجاء الوطن العربي ؛ حيث استطاع بصوته العذب المميز أن يصل بمثل هذه التجارب المطورة إلى قمة الشهرة والنضج الفني فى وقت قصير جدا …
يعرف عن ” عبد الستار” أنه دائم التشجيع للمواهب الشابة لاسيما ذات الأصوات الواعدة ؛ وأنه دائما يمد يد العون لها ويقدم لها ما يستطيع لتعرف طريق النور والشهرة ؛ وكم قدم للعديد منها بعض التسهيلات التقنية والفنية ؛ مثل توفير استوديوهات التسجيل لهذه المواهب الواعدة وتقديمهم لكبار الملحنين والشعراء …
وبرغم كل ذلك العطاء وإيمانه بضرورة تقديم الدعم والمشورة للنماذج الفنية الصغيرة التي تشق طريق الفن فى بدايته ؛ إلا أنه بتاريخه الفني الضخم وصوته العذب الأصيل مازال يمثل حاجزا أمام تلك المواهب لا تستطيع أن تتجاوزه ؛ ففى فترة التسعينيات مثلا كانت أغانيه تقف عقبة قوية أمام منافسيه من أقرانه وبنى جيله لا يستطيعون تجاوزها أو الاقتراب من مستواها الفني أو الوصول إلى ما حققته من شهره لدى الجمهور الخليجي والعربي بشكل عام ؛ حتى المطربين الصغار كانت تمثل لهم منافسته وامكانية تجاوزه استحالة كبرى ؛ فكانوا دائما ينظرون إليه بنظرة الأستاذ والرمز الكبير …
كما مثلت أغنية “يتيمة” والتى ألفها ولحنها له الشاعر السعودي خالد عبد الرحمن والتى مثلت له نقلة إبداعية كبيرة وتركت صدى جماهيرى واسع النطاق فى مختلف بلدان الوطن العربي وقفزت برصيده الفنى لدى جمهوره العريض إلى القمة …
يحسب له أيضا أنه كان أول المكتشفين لموهبة ابنه الأكبر “نايف” والذى قدمه للساحة الفنية من خلال إنتاجه لأول ألبوماته الغنائية وقام بتلحين إحدى أغانيه …
ابتعد الفنان على عبد الستار عن الساحة الفنية لفترة من الزمن بعد انتهاء عقده مع شركة روتانا ؛ وقد أعزى النقاد الفنيين ابتعاده عن الوسط الفني لانشغاله فى أعماله ومشروعاته الاقتصادية والتى أخذته لبعض الوقت من فنه ؛ لكن لا يمكن أن يخرج السمك من الماء بهذه السهولة دونما أن يعود إليها ؛ وبالفعل سرعان ما عاد إلى مزاولة هوايته وعشقه الأزلي مع الفن والغناء وإنتاجه لإحدى ألبوماته الغنائية التى حققت شهرة واسعة …
دائما ما يعرف عنه الوفاء ومواقفه القوية والداعمة للمملكة العربية السعودية وشعبها كخليجي محب لهذه الوحدة القائمة على الاحترام .. ولعل لقائه بقناة الجزيرة الذى أثار ضجة ونال الترحاب من قبل العديد من أبناء الشعب السعودي كان شاهدا على ذلك , حينما أحرج المذيع لمرات عديدة , والذى كان يتعمد سؤاله عن علاقته بالسعودية , وكان دائما يجيب بثقة وبوضوح أن السعوديين من لحمنا ومن دمنا وهناك تقارب وصلة رحم ومصاهرة لا يمكن أن تستيطع أعاصير السياسة أن تمحوها بهذه السهولة ؛ معتبرا أن ما يحدث حاليا على الساحة السياسية مجرد سحابة صيف وسرعان ما ستمر وتبقى العلاقات القوية والأزلية بين الشعبين الشقيقين القطري والسعودي باقية وراسخة …
وعندما حاول المذيع مجددا انتزاع أي كلمة منه ضد المملكة .. حينما بادره بالسؤال ؛ عن أن هناك مباراة هامة في كرة القدم ضمن تصفيات كأس العالم يزمع إقامتها بين منتخبي السعودية واليابان من أجل انتزاع بطاقة التأهل عن قارة أسيا ؛ وسأله أي الفريقين ستشجع ؛ فكانت أجابه الفنان على عبد الستار قاطعة وصافعة في نفس الوقت لمذيع قناة الجزيرة ؛ حينما قال بـمنتهتى الوضوح سأشجع المنتخب العربي السعودي بكل تأكيد …
وقد حظيت تللك الردود والإجابات المتزنة والداعمة للمملكة السعودية وشعبها من جانب ” عبد الستار” بسيل من الاعجاب عبر التغريدات التي شنها السعوديون على تويتر ؛ مادحين الرجل وتصريحاته المتزنة والواعية والتى انتصرت للعلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين ؛ والتي نحت جانبا الخلافات السياسية ؛ ولم ينحاز إلى سياسات السلطة القطرية التي عملت على تخريب تلك العلاقات وانتهاج سياسات عدائية غير مبررة …
وكأنه بتصريحاته هذه قد أشعل الحب الدفين بين أبناء الشعبين ؛ حيث خرج العديد من المثقفين والفنانين والأدباء السعوديين على منصات التواصل الاجتماعي مؤكدين دعمهم لتصريحات الفنان القطري على عبد الستار بشأن علاقته ومحبته للمملكة ولشعبها ؛ مؤكدين فى الوقت ذاته أن العلاقات بين الشعبين السعودي والقطري كبيرة وممتدة لجذور التاريخ ولا تستطيع سلطة حاكمة في الدوحة أن تأخذها إلى مستنقع الخلافات … مشددين على أن أبناء شعب الخليج شعب واحد ومصير واحد وهكذا يجب أن يكونوا دائما …