السكن مشكلة عالمية تؤرق الحكومات ..
غياب التخطيط والزيادة السكنية أذرع أخطبوط أزمة السكن
مشكلة السكن لم تكن تتفاقم وتتحول من مشكلة إلى أزمة بين عشية وضحاها ولكن الأمر أخذ كثيرا من الوقت والسنين حتى استفحل ووقف في مصاف الأزمات التي تعصف بالمجتمع ..
وللحقيقة أن أزمة السكن لم تعد مشكلة محلية فحسب ؛ أو تقف عند حدود الدول النامية ؛ بل تجاوز الأمر ذلك بكثير ؛ حيث أصبحت أزمة عالمية تطال الجميع ؛ ويقف وراءها بشكل مباشر الزيادة السكانية الهائلة أمام ضعف وفشل التخطيط لاستيعاب تلك الزيادات دونما حدوث أزمة …
كما لا يمكن أن نغفل دور الفساد على مستوى العالم في ترسيخ الأزمة والذى تسبب في فشل الكثير من المشروعات والتعثر وساهم في الاحتكار وكذلك غياب التخطيط المبني على الدراسات وواقع الحال وتحديد احتياجات المواطن التوسعية…
أبعاد عالمية للمشكلة
تفاقمت مشكلة السكن والبحث عنه بشتى الطرق من جانب المواطن البسيط الذى يحتاج إلى سكن يأويه هو وأسرته ..
ولم تعد مرتبطة بالدول النامية أو حتى الناشئة فالمشكلة تمتد أيضا إلى البلدان المتقدمة والثرية، بحيث باتت معضلة كونية تؤرق جميع الحكومات بغض النظر عن درجة تقدمها الاقتصادي…
ومع تفاقم المشكلة التي تعد أعنف أزمات العالم والأكثر إرهاقًا للحكومات، تزايدت الدعوات بضرورة الخروج من الآفاق التقليدية التي تعتمد على مواجهة تحديات السكن ضمن الأطر الوطنية، إلى آفاق أكثر رحابة وعالمية عبر إيجاد حل جذري من خلال تعاون دولي حقيقي وفعال في هذا المجال…
آراء المختصون حول الأزمة
يرى المختصون أن مشكلة السكن العالمية تكشف واحدة من المفارقات الأساسية في النظام الاقتصادي الحديث، فالمدن خاصة الكبيرة منها، أضحت أكثر قوة وأهمية من الناحية الاقتصادية مقارنة بأي وقت مضى، وهذا أمر شديد الإيجابية في عديد من الجوانب التنموية، إذ يضمن توافر قوى عاملة بأسعار تنافسية ومهارات مرتفعة، لكن تلك القوى المتنامية للمدن وتحولها إلى نقطة جذب رئيسي للسكان، يوجد طلبا هائلا على الأراضي الواقعة داخل حدود المدينة أو حتى في أطرافها، ما يؤدي إلى تصاعد تكاليف السكن، ومعه يتحول الارتفاع في أسعار السكن وصعوبة الحصول عليه، إلى وسيلة طرد للمواطنين من الإقامة في المدن.
اختلال معادلة العرض والطلب
تبدو المدن وحدها عاجزة عن معالجة المشكلة الهيكلية العميقة المتمثلة في قدرة أبناء الطبقة المتوسطة والطبقات الفقيرة على تحمل تكاليف السكن، وبات الأمر في كثير من الأحيان في حاجة إلى تجاوز القدرات الحكومية إلى البحث عن مساندة منظمات التنمية الدولية في تحمل تكاليف تشييد الوحدات السكنية…
بينما يضع المهندس المعماري “إبراهام آرثر” مشكلة السكن في إطار المعادلة الاقتصادية الشهيرة للعلاقة بين الطلب والعرض، ويفسر ذلك في موضوع خص به جريدة “الاقتصادية” قائلا ..
“جوهر الأزمة ببساطة يكمن في أنه لم يشيد ما يكفي من منازل لمواكبة النمو السكاني أو نمو العمالة ؛ وهناك عديد من الأسباب لذلك بعضها يعود إلى طبيعة السياسات المتخذة في تسهيل أو عرقلة عملية التشييد والبناء…
لكن هناك أيضا اتجاه حديث يتمثل في التنافس القائم بين الباحثين عن الوحدات السكانية، واتجاه الشركات الناشئة إلى السعي للتركز في محيط جغرافي محدد، وهذا يخلف ضغطا سكانيا على تلك المنطقة، مقارنة بغيرها من المناطق نتيجة المنافسة بين الشركات وبعضها البعض، وبين الشركات والباحثين عن وحدات سكنية، وبين الباحثين عن وحدات سكانية وبعضهم البعض”.
نشرة المساكن
أصدرت الهيئة العامة للإحصاء بالمملكة نشرة المساكن لتصف واقع سكن الأسر حتى منتصف 2018م والتي تجمع نتائج المسح الميداني الذى أقيم خلال الفترة من 17/7/1439هـ إلى 22/8/1439ه الموافق (14/4/2018م إلى 18/5/2018م) إضافة إلى بيانات من وزارة الإسكان تتعلق بالدعم السكني وتهدف نشرة المساكن إلى توفير بيانات عن المساكن المشغولة بأسر سعودية ( مملوكة ، مُسْتأجرة ، مُقدمة من جهة العمل ) على مستوى المناطق الإدارية في المملكة ودراسة تأثير خصائص المسكن والبيئة المحيطة بها وإيجاد قاعدة معلومات عن المساكن والاستيفاء بالمتطلبات المحلية والدولية واحتياجات المخططين والباحثين من البيانات الأساسية عن خصائص المساكن التي تتطلَّبُها خطط التنمية، وتوفير البيانات والمؤشرات للمساكن دوريًّا لقياس التغير الحاصل في خصائص المساكن مع مرور الزمن، وإجراء المقارنات المحلية والإقليمية والدولية، وقياس التطورات والنمو في مجالات الإسكان من حيث نوع وعمر المسكن الذي تقطنه الأسرة …
ارتفاع عدد الأسر
أظهرتْ نشرة المساكن منتصف 2018م من واقع المسح الميداني ارتفاع عدد الأسر السعودية حيث بلغ عدد الأسر السعودية حتى منتصف عام 2018 م ( 3.591.098 ) ، ولنفس الفترة أظهرت نتائج النشرة ارتفاع عدد المساكن المملوكة المشغولة بأسر سعودية بنسبة ( 3.43% ) مقارنة بمنتصف عام 2017 م حيث بلغت المساكن المملوكة المشغولة بأسر سعودية والمستخدم فيها جميع مواد البناء ( 60.49 % ) وبلغت المساكن المملوكة بعد استبعاد المساكن التي تم إنشاؤها بمواد بناء غير ” المسلح ” (51.70%) مقارنةً بـ (49،91٪) في منتصف عام 2017م، بينما انخفضت نسبة المساكن المُستأجرة المشغولة بأسر سعودية عن منتصف العام 2017 حيث بلغت (37،63%) في منتصف عام 2018 م مقارنةً بـ (38%) في منتصف عام 2017م ، علمًا بأنَّ هذه النسب لا تعكس نسب تملك الأفراد للمساكن ، وإنما صفة المسكن ( مملوك ، مُستأجر ، مُقدم من جهة العمل ) التي قد تسكنه أسرة واحدة أو أكثر من أسرة …
زيادة المساكن المشغولة بأسر سعودية
وقد أظهرت النشرة أنَّ عدد المساكن المشغولة بأسر سعودية في المملكة ارتفعت في منتصف عام 2018 بـ ( 2.46 % مقارنةً بمنتصف عام 2017 م ، حيث تُشكل المساكن المشغولة بأسر سعودية ( مملوك ، مُستأجر ، مُقدم من جهة العمل ) حتى منتصف عام 2018 ( 64.2 % ) من إجمالي المساكن في المملكة العربية السعودية حيث بلغت أعلى مستوى لها في منطقة مكة المكرمة بنسبة (24.96%)، تليها في الترتيب منطقة الرياض بنسبة (23.68%)، ثم المنطقة الشرقية بنسبة (14.31%)، فعسير بنسبة (8.55%)، ثم المدينة المنورة بنسبة (6،92%) فجازان بنسبة (4،93%)، ثم منطقة القصيم بنسبة (4،64%)، فمنطقة تبوك بنسبة (3،37%)، ثم تأتي منطقة حائل بنسبة (2،22%)، فنجران بنسبة (1،90%)، فالباحة بنسبة (1،88%)، ثم منطقة الجوف بنسبة (1،60%)، وأخيرا تأتي منطقة الحدود الشمالية بنسبة (1،04%)…
الاعتماد على الشبكة العامة للكهرباء
كما أظهرت نتائج نشرة المساكن منتصف 2018م أن الغالبية العظمى من المساكن المشغولة بأسر سعودية ( مملوك ، مُستأجر ، مُقدم من جهة العمل ) تعتمد على الشبكة العامة كمصدر رئيس للكهرباء بنسبة (99،85%) ويقطنها (99،86%) من إجمالي أفراد الأسر السعودية…
وأكدتْ الهيئة العامة للإحصاء بأنَّ نتائج مسح المساكن تظهر واقع المساكن للأسر السعودية حتى منتصف 2018 م، بينما البيانات السجلية لوزارة الإسكان أظهرت بأنَّ أعداد المستفيدين من عقود الدعم السكني المقدَّمة من قِبل برنامج سكني قد بلغت خلال العام 2018م (67.070) أسرة سعودية على مستوى المناطق ، ويفتقرون إلى الكهرباء والمياه ، والصرف الصحي…
تصريحات وزير الإسكان
أكد ماجد الحقيل وزير الإسكان ؛ في منتدى أسبار الشهري والذي عُقد بتاريخ 25/10/2015م على أن مشكلة الإسكان ليست موارد ولا أراضي بل هي مشكلة…
الذين يحتكرون الأراضي؛ موضحا أن الفكر أو الثقافة في المسكن، والملبس، والمأكل و الحياة الاجتماعية، والاقتصادية بشكل عام، هي ثقافة تعيشها جميع المجتمعات، لكنها تتباين حسب نمط الحياة والموروث الثقافي.
مشيرا إلى أن شريحة محدودة جدا من المواطنين، يغلب عليها ثقافة مجتمع الرفاهية أو المسكن الفاخر الذي عاش فيه مع والديه، ولا يفكر بما هو دون ذلك من الرفاهية.