الخلاوي سبق التقنية الحديثة في تحديد إحداثيات دحل الهدسي

إن العصر الذي عاش فيه راشد الخلاوي من العصور التي لم يهتم بها أحد من المؤرخين او الباحثين او المهتمين بالشعر إلا أنهم يحصرون فترته الزمنية ما بين نهاية القرن العاشر وبداية القرن الثاني عشر.

كما أنهم لم يستطيعوا أن يتعرفوا على اسمه الكامل واسم قبيلته وموطنه الأصلي.

ومع هذا الغموض في اسمه ونسبه وعصره وموطنه إلا أن شعره كان ولايزال حديث المجالس وقد سطرته الدواوين وسجلته الكتب لما تميز به من نزعه للفصيح وجزالة المعاني ولما احتوى على ثقافة عالية وتجارب عديدة وحكمة وفوائد وحسابات فلكية مما جعل اشعاره واخباره تصل إلينا على مافي شخصيته من غموض.

ومما يعرف عن راشد الخلاوي دقته في الوصف وتحديد الأماكن ومعرفة معالم الجزيرة وأعلامها.

ويظهر هذا جلياً في قصة بندقيتة التي أخفاها في أحد دحول الصمان.

حيث أنه كان يمتلك بندقية من نوع الفتيل وكانت عزيزة لديه، ولما شعر بكبر السن والثقل وتدانت خطاه ولم يستطع أن يمارس الصيد كما كان سابقاً، أخفاها في (دحل) من دحول الصمان (يسمى الآن دحل الهدسي) وكتب بيتين من الشعر يصف فيها موقع الدحل الذي أخفى فيه البندقية وضمن البيتين مصطلحات فلكيه ومعالم تضاريسه لايعرف معناها إلا رجل له دراية لتكون بمثابة الامتحان لابنه الذي لايزال صغير السن وأعطى البيتين لزوجته وطلب منها أن لاتعطي الابن هذين البيتين إلا إذا بلغ مبلغ الرجال فإن استطاع أن يصل إليها فهو يستحقها وإلا فلتترك في مكانها يأكل حديدها الصدأ وتنخر خشبها الأرضة ويقول في البيتين :

عن طلحة الجودي تواقيم روحة

وعليها شمالي للنسور يغيب

وعنها مهب الهيف رجم وفيضه

وحرورى إن كان الدليل نجيب

فلما أخذ الابن البيتين اجتهد في البحث عن الدحل حتى وصل إليه وأخذ البندقية وكان بجانب الدحل من الجهة الغربية صخرة بيضاء كبيرة فقال الابن لو أن ابي اضاف هذا البيت إلى البيتين لعرف كل إنسان مكان الدحل وقال الابن في البيت.

وخير الدليل مروة فوق جاهلها

خيمة شريف في مراح عزيب

فكان هذا الشبل من ذاك الأسد.

شرح المصطلحات التي احتوتها الأبيات :

الدحل /هو حفرة في الأرض ضيقة الفوهة فيها مسارات داخلية ضيقة وبها ماء وبعضها يكون كبيراً جداً وبعضها صغيراً.

طلحة الجودي/شجرة طلح معمرة على درب الجودي (ويقصد به دحل الهدسي) البري المتجه من رماح إلى جودة ثم إلى الأحساء ولم يبق من الطلحة الآن إلا فرع حية.

تواقيم روحة/أي مقدار روحة والروحة من زوال الشمس إلى غروبها قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث(تغدو خماصاً وتروح بطاناً).

النسور/مجموعة من النجوم تسمى النسر الطائر والأخرى تسمى النسر الواقع.

الهيف/ريح حارة تأتي من اتجاه اليمن تحت مجرى نجم سهيل وهي تيبس النبات وتعطش الحيوان وتنشف المياه.

رجم/علامة تبنى من الصخور توضع في الأماكن العالية للدلالة بها على طريق أو مورد ماء.

فيضة/الأرض المنخفضة التي تستقر بها المياه وتنبت النباتات المختلفة فيها وهي الروضة. (ويقصد بها فيضة الهدسي)

حروري/عرق رملي جنوب غرب الصمان وشرق الدهناء، وهو منفصل عن عروق الدهناء.

مروة/الحصاة البيضاء ناعمة الملمس.

مراح غريب/المرعى الواسع بعيد الكلأ.