متابعة : سٍامي دياب
منذ أثنين وسبعين عاما أعلنت الحكومة الإسرائلية ؛ أن مدينة القدس الغربية عاصمة لدولة إسرائيل ؛ وأيضا تمراليوم الذكرى الثانية والسبعين لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 194 والذى قضى بتدويل مدينة القدس المحتلة والقاضي بإنشاء لجنة التوفيق الدولية للفلسطينيين .
ولقد تأثر الأدباء والكتاب الفلسطينيين بتلك القرارات منذ صدورها وحتى الآن ؛ وقد خرجت إبداعاتهم الأدبية الروائية التى تعبر عن رفضهم واستيائهم من تلك القرارات ؛ ومدى الحنين الذى يراودهم فى زوال زبانية الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وفقا لما نصت عليه القرارات الدولية حول القضية الفلسطينية .
العديد من الروايات كُتبت فى مراحل تاريخيّة متفاوتة، تعكسُ الاتجاهات السرديّة المختلفة والمواضيع المختلفة التى تناولتها الرواية الفلسطينيّة على مدى التاريخ الفلسطينى من الستّينيات حتى يومنا الحاضر، وتمثل تعريفا وتأريخا للقضية الفلسطينية ومأساة الشعب الفلسطينى منذ بداية الاحتلال، منها:
نُشر كتاب “رأيت رام الله” للكاتب والشاعر مريد البرغوثى عام 1997 وحصل على جائزة نجيب محفوظ فى نفس العام، ثم أعيدت طباعته وتمت ترجمته لعدة لغات حول العالم.
هى سيرة ذاتية فى قالب شعرى أدبى، يتحدث فيها الكاتب عن رحلة عودته إلى الضفة الغربية وإلى قريته “دير غسانة” بعد سنوات طويلة من الاغتراب عن الوطن بسبب عدم امتلاكه للوثائق اللازمة للمرور عبر المعبر الإسرائيلى الرابط بين الأردن والضفة الغربية.
صدرت عام 2009 للكاتب مريد البرغوثي، هى الجزء الثانى لروايته “رأيت رام الله”، وتدور أحداثها حول رحلة الكاتب مع ابنه الشاعر “تميم البرغوثي” إلى فلسطين للمرة الأولى بمصاعبها ومباهجها.
ما يميز الرواية هو إعتمادها بشكل أساسى على سرد التفاصيل، وهو ما يراه البعض نقطة ضعف فى أى راوية، ولكن بالتأكيد ليس مع مريد البرغوثي، الذى يتقن جيدًا سرد التفاصيل الصغيرة، وتحليلها بأسلوبه المميز.
الطنطورية (نسبة إلى قرية الطنطورة الواقعة على الساحل الفلسطينى جنوب حيفا)، تعرضت هذه القرية عام 1948 لمذبحة على يد العصابات الصهيونية، تتناول الرواية هذه المذبحة كمنطلق وحدث من الأحداث الرئيسية، لتتابع حياة عائلة اقتلعت من القرية وحياتها عبر ما يقرب من نصف قرن إلى الآن مرورًا بتجربة اللجوء فى لبنان.
بطلة الرواية هى امرأة من القرية يتابع القارئ حياتها منذ الصبا إلى الشيخوخة، الرواية تمزج فى سطورها بين الوقائع التاريخية من ناحية والإبداع الأدبى من ناحية أخرى.
تمثّل رواية محمد سلماوى “الخرز الملوّن” (1990) التى صدرت ترجمتها الفرنسيّة أخيراً بعنوان “خرز الغضب أو خمسة أيام فى حياة نسرين حوري” (Archipel ـــــ ترجمة سهير فهمى وميشال بواسو) درّة ثمينة للمهتمين بالأدب وبالذاكرة السياسية على السواء، إنَّها علاج ناجع ضدّ اليأس الذى يصيبنا فى مواجهة مأساة إخوتنا الفلسطينيين. من إخلاء يافا من سكانها العرب عام 1948 إلى زيارة أنور السادات القدسَ سنة 1977، تغطِّى الرواية أربعة عقود من تاريخ الشعب الفلسطيني، وتقصُّ أحداث خمسة أيَّام أساسيّة من حياة نسرين حوري، الزهرة التى اقتُلعت من جذورها لكنها لا تزال تنبض بالحياة تحت أنقاض التاريخ.
الرواية الأشهر لكاتبها إبراهيم نصر الله، وهى رواية من سلسلة “الملهاة الفلسطينيّة” المكوّنة من روايات سبعٍ تروى قصصًا مختلفة، وفى كلٍ منها يكتب إبراهيم نصرالله جزءًا من التاريخ الفلسطينيّ.
تقع أحداث الرواية فى نهايات الحكم العثمانى لفلسطين مرورًا بالاحتلال البريطاني، وانتهاءً بأيام النكبة الأولى عام 1948. تروى الرواية قصة عائلة فلسطينيّة ومجتمعًا قرويًا بأكمله، تُصارع من أجل البقاء، وطنًا ومجتمعًا، قصصًا عن الحب، والتراث، وغيرها من القصص الأخرى التى تعجُّ بها صفحات الرواية. سمّاها البعض بـ”الإلياذة الفلسطينيّة”، لطابعها الملحلمى وأسلوبها السرديّ.
هى أيضًا الرواية الأشهر لكاتبها الشهيد غسان كنفاني، وقد أمست إحدى الروايات المؤسِّسة فى الأدب الفلسطينى فى نظر الكثيرين، ويمكن تسميتُها بالكلاسيكيّة الفلسطينيّة إذا صحّ الوصف. تحوّلت الرواية إلى أعمال دراميّة مباشرة وغير مباشرة، واستُوحيت مرارًا على شاشة السينما وحتى فى كتابات كُتّابٍ لاحقين على كنفاني.
قصة الرواية عن والدين مهاجران من حيفا عام 1948، وبسبب من المباغتة التى يلقيانها لهول الأحداثِ، يخلِّفان وراءهما ابنهما لتربّيه عائلة يهوديّة. بعد سنواتٍ يقرِّر الوالدان العودة إلى البيت، والبحث عن الابن الضائع، وخلال تلك المقابلة، يطرح غسّان كنفانى العديد من الأسئلة والتأمُّلات حول معانٍ عديدة هى مسلّمات فى نظر البعض، إلّا أنّها فى نظر الكاتب قد تأخذُ أبعادًا إشكاليّة تجعل المعانى المُسلَّم بها مزعزعة وغير ثابتة.